في عالم السياسة ليست الأمور دائما على ما تبدو عليه خارجيا، بل أحيانا تكون الحقيقة على خلاف الظاهر. مثال ذلك ما يحدث في الأردن، فا...
مثال ذلك ما يحدث في الأردن، فالقضية غالبا لا تتعلق باحتجاجات شعبية تقودها "منظمات الوساطة"، وباستجابة من "الملك المتفهم". إذ من الوارد أن الملكية الأردنية على خط الاحتجاجات وهي من أوعزت للأحزاب بطريقة أو أخرى من أجل تنفيذ الاعتصامات.
لكن لماذا؟
صحيح أن ملكية الاردن تنتمي الى خانة الملكيات المطلقة، التي يتحكم فيها الملك في كل شيء، ويغير الحكومات كما يغير ملابسه الداخلية، لكم الوضع الذي توجد فيه مليكة الأردن حساس جدا، حيث الثقل القبلي، وقوة العنصر الفلسطيني(نسبة كبيرة من سكان الاردن أصلهم فلسطيني)، الأمر الذي يفرض على النظام الأردني اتخاذ بعض المواقف المتماهية مع مطالب الفلسطينيين(خاصة مع مواقف السلطة الفلسطينية). ومن ضمن هذه المطالب، جاء الطلب الأمريكي السعودي الذي ربط استمرار الدعم للأردن بقبول"صفقة القرن"(نقل السفارة الأمريكية الى القدس)، الشيء الذي رفضه ملك الأردن وسايرته الحكومة بتعويض الدعم برفع الأسعار والضرائب، رغم أنها تعلم أن الأمر سيلاقي احتجاجات شعبية. وهو ما يرغب فيه النظام السياسي، لأن الرسالة التي يراد تسجيلها هي: إذا ما منعتم الدعم فإننا سنترككم في مواجهة الشعب وستتعرض المنطقة لمزيد من الارتباك، والأكيد أن أكبر المتضررين هم "الإسرائليون" أنفسهم.
لماذا هذه التدوينة؟!
لأن البعض منا بالغ في مدح الموقف الملكي الأردني، وشرع في وضع مقارنات بين المغرب والأردن، مطالبا ملك المغرب بالسير على منوال نظيره الأردني، وإقالة الحكومة ( دستوريا لا يحق للملك المغربي إقالة رئيس الحكومة وإنما فقط حل البرلمان).
الأمر لا يتعلق بإقالة حكومة أو وزير، بل بإصلاح عميق للسياسة والاقتصاد، في غياب ذلك، فإن أي حكومة ستقوم بنفس الإجراءات السلبية. (يُنظر التدوينة السابقة).
إذا طور المقاطعون نضالهم السلمي، ووجهوا حركتهم نحو الإهتمام بالسياسة، وطالبوا بإصلاح سياسي عميق، للحد من الأزمات المتتالية، ومحاصرة مظاهر الفساد الاقتصادي والسياسي وهي متعددة وما مسألة الريع وتزويح السياسة بالثروة إلا نماذج منها، أقول إذا حصل هذا الإدراك فإن حملة المقاطعة ستحقق أهدافها وستتجاوز حتى أصحاب الأجندات الخاصة إذا هم "راهنوا" على المقاطعة من أجل تحقيق مصالهم الضيقة!
التعليقات