كنت قررت ألا اكتب عن المقاطعة لأنها لم تعد في حاجة إلى معركة إعلامية وبدلا من ذلك التركيز على معتقلي الريف وجرادة لأنهم باتوا أولوية م...
كنت قررت ألا اكتب عن المقاطعة لأنها لم تعد في حاجة إلى معركة إعلامية وبدلا من ذلك التركيز على معتقلي الريف وجرادة لأنهم باتوا أولوية ملحة، ولكن الله ابتلاني الان بمشاهدة حوار أجرته القناة الأولى مع الداودي أعاد فيه كتابة مفاهيم علم الاقتصاد بشكل مثير للاشمئزاز فارتأيت أن أضيف هذه "البركة" لعلها مسك الختام في التعليق على وزراء سنطرال وأخواتها..
أول ما استوقفني في المقابلة أن الصحفية لم تسأله ولو سؤالا واحدا عن مجلس المنافسة رغم أنه حجر الزاوية في هذه القضية. أكيد أنه لا يمكن لعاقل أن ينتظر من القنوات الرسمية غير هذا التعتيم ولكن هذه الحالة تجسد تلك المقولة الفرنسية التي تفيد أن الصمت عن الشيء أبلغ من الخوض فيه..
ثانياً، ركز الداودي ضمن حججه بشكل غريب، من دون مناسبة وفي أكثر من مرة على أن سنطرال شركة متعددة الجنسيات موجودة في الكثير من الدول كما لو أن الرجل يريد أن يقنعنا أن تواجدها في المغرب قيمة مضافة للمغاربة في سلم التراتبية الاجتماعية في المشهد الدولي.. أودى الله يهديك السي لحسن!
ثالثاً، في نفس السياق يقول إنها ليست شركة مغربية ستبقى في المغرب إذا تضررت أو أفلست ولكنها أجنبية ستضع "المفتاح تحت الباب" وتتركنا قائمين.. إذا كان أستاذ الاقتصاد يقول هذا الكلام عن قناعة فتلك مصيبة وإن كان يقوله لاستمالة عواطف الذين لم تلج أقدامهم المدرسة أبدا فالمصيبة أعظم..
المغاربة يا أستاذ يعرفون أن الشركات شخصيات معنوية وليست مباني أو أشخاص أو أسماك إذا "افلست" بقيت في المغرب حتى تتحلل فيه وتترسب وتتحول إلى فوسفاط لا نعرف أين تصرف عائداته..
المغاربة يعرفون أن للشركات وضعية قانونية تخضع لمساطير التسوية المعروفة في العالم وليست "طبيلات" لبيع السجائر المهربة في سوق الدجايجيا في باب مراكش..
المغاربة سئموا من تكراركم المفرط لأرقام الشركات عن التشغيل والأسر وباقي حجج اللوبيات التي تحدثوننا نيابة عنها دون أدنى حرج..
رابعاً، وهذا هو الأهم، عندما قرر الرجل أن يخوض في قلب الموضوع قال إن سنطرال لا تجني الكثير من المال لأن ربحها لا يتجاوز 0.9% عكس الشركات الأخرى التي تنافسها حيث تتجاوز أرباحها 24%.. هنا سالا معايا صافي.. واش ولدناها ونسيناها السي الداودي؟
الطامة الكبرى أنه هنا اخترع قاعدة جديدة في علم الاقتصاد مفادها أن أرباح الشركات هي التي تحدد الطلب وليس أسعارها.. وأن الكارتيلات تتفق على أثمنة أقلهم من حيث هامش الربح وليس العكس كما تدعون أيها المقاطعون وكما يزعم رئيس مجلس المنافسة المجمد.. واش نندبو دبا ولا شنو نديرو؟
ما الذي يجعل هامش الربح عند الآخرين أكثر مع ان ظروف الإنتاج هي نفسها؟ هل يعقل أن هذه الشركة المتعددة الجنسيات على علاتها ستقبل بلعب دور المساعدة الاجتماعية في دولة تجني فيها منافساتها 30 ضعفا مما تجنيه؟
ثم إذا سلمنا جدلا أن ما قاله صحيح فإنه يؤكد أن المقاطعة على حق لأن الفلسفة التي قامت عليها هي محاربة الاتفاقات السرية والضمنية من خلال مقاطعة الأقوى في السوق لإجباره على خفض الثمن وبالتالي إجبار الآخرين على مسايرته.. وفي هذه الحالة ما على سنطرال الا ان "تتطور" في الاتجاه الذي يجعلها تحقق أرباح المنافسين وتخفيض الثمن ليسايروها وهذه الجملة الأخيرة هي التي يخبرنا بها للداودي دون أن يدري..
خلاصة القول إن سنطرال التي طالما دافعوا عنها استسلمت.. والتاريخ بيننا..
التعليقات