$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

كيف انقلبت العلاقات المغربية الإيرانية رأسا على عقب؟ - مصطفى حيران*

لم يكن مفاجئا إلى ذلك الحد الذي عبّر عنه كثيرون، أن يقوم المغرب بإعلان قطعه علاقاته مع إيران بشكل باتر بلغ طرد السفير الإيراني. ما ك...


لم يكن مفاجئا إلى ذلك الحد الذي عبّر عنه كثيرون، أن يقوم المغرب بإعلان قطعه علاقاته مع إيران بشكل باتر بلغ طرد السفير الإيراني.
ما كان مفاجئا تمثل في الأسباب التي ساقها بلاغ وزارة الخارجية المغربية وهي اتهامات لحزب الله اللبناني بتسليح وتدريب عسكري لجيش جبهة البوليساريو وهذه "خطيئة لا تُغتفر في عُرف الدبلوماسية المغربية" باعتبار قضية الصحراء من "ثوابت الأمة".
ليتساءل المتسائلون: حزب الله لبناني فلماذا قطع العلاقات مع بلد آخر هو إيران؟
بطبيعة الحال الربط يتمثل في القرب الحثيث بين حزب الله وإيران، لكن السؤال ما زال منتصبا يبحث عن جواب شاف باعتبار أن لغة الدبلوماسية تتطلبُ وضوحا أكثر دفعا لكل لُبس.
الواقع أن مسألة توتر العلاقات بين المغرب وإيران تتوفر على أكثر من سبب ليُصار إلى قطع للعلاقات، سيما من طرف المغرب، ذلك باعتبار تعقيدات المتغيرات الإقليمية والدولية ومنها ما يُحسب على العداء السعودي-الإماراتي من جانب والإيراني من الجانب الآخر، وهو عداءٌ بات مقيما أذكته أكثر تحولات السياسة الأمريكية بعد مجيء "دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض وتحوُّل دفة السياسة الخارجية من الشىء إلى نقيضه تقريبا.
غير أن أكبر متغير في العلاقات المغربية الإيرانية يعود إلى أربعة عقود خلت تقريبا، وتحديدا إلى حدث قيام الثورة الإيرانية التي أطاحت بالنظام الإمبراطوري للشاه محمد رضا بهلوي ومجيء النظام الجمهوري الذي أسسه آيات الله الخميني. عند هذه المحطة الأهم في تاريخ إيران وقع التحول الشامل في العلاقات المغربية الإيرانية.
لقد أصبح بعيدا جدا منذ ذلك الحين التقارب المغربي الإيراني، وإن شئنا الدقة أكثر، التقارب بين النظامين الإمبراطوري الإيراني والملكي المغربي، الأول زال من الوجود على النحو الذي نعرف والثاني ما زال قائما.
تقاربٌ سياسيٌ اقتصادي وعسكري.. كان قد بلغ من القوة أن المغرب شارك في خطط شاه إيران محمد رضا بهلوي الذي كان يُنعتُ بدركي أمريكا في الشرق الأوسط حينما أحدث حلفا عسكريا، مستهل سبعينيات القرن الماضي، للتدخل في مناطق النزاعات بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا أطلق عليه اسم "نادي السافاري" (الصيد في الأدغال) ليتبين أن الأمر كان يتعلق بإملاءات أمريكية اقتضت استعمال النفوذ المالي (النفطي) لنظام الشاه وعلاقاته في المنطقة دفاعا عن بعض المصالح الأمريكية، وأساسا لغاية إخماد تمرد عسكري في الزايير (الكونغو الديموقراطية حاليا) نصرة لرجل أمريكا على رأس السلطة في هذا البلد الإفريقي وهو موبوتو سيسيكو.
لقد أصبح ذلك التقارب بعيدا جدا، ليس بالمفهوم الزمني وهو مهم، بل السياسي، حيث انتهى، وربما إلى غير رجعة في الأمد المنظور على الأقل، وكانت البداية تحديدا، عند نقطة الإطاحة بنظام محمد رضا بهلوي ومجيئه إلى المغرب هاربا فضيفا على صديقه وحليفه الكبير الملك الراحل الحسن الثاني، لكن لفترة قصيرة فحسب بسبب الإحراج الداخلي (مظاهرات منددة في عدة مدن مغربية) والخارجي (أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران). بعدها ذهب آخر شاه إيراني إلى أكثر من مهرب ثم مات بعد عام تقريبا في مستشفى شعبي بالقاهرة حيث استقبله صديقٌ آخر كبيرٌ له هو الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، لتموت معه العلاقات المغربية الإيرانية في طبعتها التي رسخها النظامان الملكي المغربي والشاهنشاهي الإيراني.
الطبعة التي تلت في علاقات البلدين أذكت بسرعة عوامل العداء. وإذا كانت أسباب توتر هذه العلاقات تُعزى من الجانب المغربي إلى عوامل إيديولوجية (تهمة نشر التشيُّع بالمغرب) في الغالب، إلاّ أن عنصر السياسة والمصالح يظل هو الأكثر حضورا، حيث لا يمكن أن تغيب معطيات إقليمية ودولية في تحديد طبيعة هذه العلاقات، منها أن إيران التي دخلت عصرا آخر في تدبير بنية الدولة وإدارة مصالحها الإقليمية والدولية، ابتعدت عن محور حلفائها في المنطقة في المشرق والخليج العربيين، ناهيك عن تضارب مصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة منذ توقيع الثورة والإطاحة بنظام الشاه، وكان أبرز ملمح لهذا التحول هو الحرب العراقية الإيرانية ثمانينيات القرن الماضي.
المغرب الذي ظل مشدودا إلى نفس كتلة المصالح إقليميا ودوليا، وجد أنه مُطالبٌ بتحديد طبيعة علاقاته مع إيران. وإذا كانت هذه العلاقات لم تكن ودية منذ الإطاحة بنظام الشاه حتى رحيل الملك الحسن الثاني، بل اتسمت بما يُمكن تسميته ب"العداء الصامت" فإن المكنون أسفر عن نفسه في العقدين الأخيرين.
ثارت قضية "الاتهامات بالتشييع" سنة ألفين وتسعة بين المغرب وإيران وبلغ الأمر حدّ قطع للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين استمر زهاء خمس سنوات ثم جاءت قضية اتهامات ب"التدخل الإيراني في شؤون البحرين" وصولا إلى قطع للعلاقات وطرد السفير بسبب اتهامات لحزب الله اللبناني "المدعوم من إيران" وفق صك الإتهام الذي تضمنه بلاغ وزارة الخارجية المغربية.
إن توتر العلاقات المغربية الإيرانية يجد أسبابه الأساسية في تناقض وجهة دفتي المصالح الإقليمية والدولية سيما في هذه الظرفية البالغة الخطورة، حيث تجري نزاعات كبيرة إقليمية بأبعاد دولية سيما فيما يرتبط بالحرب في سوريا بالدرجة الأولى ثم في اليمن، وغنيٌ عن التوضيح البون الشاسع لموقفي المغرب وإيران من النزاعين المذكورين.
وتتشكل في هذه الآونة عناصر توتر إقليمي-دولي أكبر وأخطر تتمثل في التهديدات الإسرائيلية بشن حرب على إيران وهذا كفيلٌ ليس بقلب طاولات العلاقات الدبلوماسية بين كل الأطراف في المنطقة بل بزعزعتها والتطويح بها في أتون الخطر الأكبر.

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2028,اخبار العرب,1749,اخبار المغرب,6524,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,170,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,5,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,986,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,299,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,45,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,13,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,759,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1305,تقرير صحفي,75,تونس,90,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,388,حزب الله,9,حماس,1,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,374,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,15,سوشال ميديا,15,سياحة,1,سينما,28,شؤون ثقافية,444,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,910,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,1,علوم و تكنولوجيا,314,عناوين الصحف,322,غزة,81,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,604,فنون,242,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1929,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1253,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,7,مغاربي,1045,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: كيف انقلبت العلاقات المغربية الإيرانية رأسا على عقب؟ - مصطفى حيران*
كيف انقلبت العلاقات المغربية الإيرانية رأسا على عقب؟ - مصطفى حيران*
https://2.bp.blogspot.com/-IBzbWbrA_20/Wpm2AHtgrhI/AAAAAAAAsa4/mfnwW23eYZYEy7InHXqaraaJIWdlUvOZACLcBGAs/s640/1888472_10202445256846928_179540116_n.jpg
https://2.bp.blogspot.com/-IBzbWbrA_20/Wpm2AHtgrhI/AAAAAAAAsa4/mfnwW23eYZYEy7InHXqaraaJIWdlUvOZACLcBGAs/s72-c/1888472_10202445256846928_179540116_n.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2018/05/blog-post_77.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2018/05/blog-post_77.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية