في لحظة من لحظات ولوجي لعالم الفيسبوك في لحظة مضت، التقطت عيناي رابطا بعث به إلي أحد الأصدقاء مشكورا..يتضمن هذا الرابط مقالا مصاغا بفر...
في لحظة من لحظات ولوجي لعالم الفيسبوك في لحظة مضت، التقطت عيناي رابطا بعث به إلي أحد الأصدقاء مشكورا..يتضمن هذا الرابط مقالا مصاغا بفرنسية واضحة وأنيقة حول علاقة الصداقة التي جمعت بين كل من جاك دريدا وعبد الكبير الخطيبي اللذين رحلا عن دنيانا منذ سنوات. هذا المقال الذي أقترح على زوار وقراء“الغربال أنفو" ترجمته إلى العربية من توقيع مراد الخطيبي (ربما من عائلة عبد الكبير الخطيبي) ونشرته جريدة Libération الاتحادية في نسختها الإلكترونية ابتداء من يوم الأربعاء 11 نونبر 2015.
“سبق لنا أن التقينا، جاك دريدا وأنا، في شتنبر 1974، بباريس، في إحدى مقاهي ساحة Saint-Sulpice . أهداني كتابه “Glas” الذي رأى النور لتوه. من جانبي، كنت قد بعثت له، قبل لقائنا، كخدمة صحافية، بمؤلفين منشورين في وقت واحد، عند بداية الدخول الأدبي: La blessure du nom propre وVomito Blanco. منذ هذا التاريخ وحتى وفاته في أكتوبر 2004، ارتبطنا بعلاقة مستمرة بهذا القدر أوذاك، مثل نقطة معلمة للزمن المنذور لأن يعاش”.
بهذه الكلمات، بدأ عبد الكبير الخطيبي مؤلفه المعنون ب”Jacques Derrida, en effet” والصادر عن مطبعة المنار قبل وفاته بسنتين. يحمل المؤلف على غلافه رسومات فاليريو آدمي صديق دريدا الوفي. يمكن اعتبار هذا المؤلف تقديما لصداقة مفكرة استثنائية بين مفكرين عالميين. صداقة مفكرة مؤسسة على الحوار والاختلاف كفكر وكممارسة. صداقة لا ترفض الآخر بل تحاول أن تخلق حوارا مباشرا أو غير مباشر معه بكل هدوء، باحترام متبادل وبصداقة مطلقة. ضمن هذا المنظور يندرج كتاب “Jacques Derrida, en effet”. الجدير بالذكر بهذه المناسبة هو أن دريدا سبق له أن نشر (Le monolynguisme de l’autre” (1996″ وهو بشك من الأشكال عبارة عن حوار غير مباشر مع الخطيبي حول مسألة اللغة. ففي إهدائه، يصف دريدا الخطيبي ك”فاعل وبالتالي، إذا أراد فعلا، طرف مشارك في هذا “الحوار” .
في هذا الكتاب، يأتي دريدا على ذكر مشاركته إلى جانب الخطيبي في ندوة دولية في لويزيانا موجها كلامه إلى صديقه بالذات حتى لو لم يكن حاضرا: “هذا – الذي افتتح لتوه، تتذكر ذلك جيدا -، كان إذن ندوة دولية. في لويزيانا، وهي ، كما تعلم، ليست أي مكان في فرنسا. استضافة كريمة. المدعوون؟ فرنكوفونيون ينتمون، كما نقول على نحو غريب، لعدة أمم، لعدة ثقافات، لعدة دول. ثم كانت هناك جميع مشاكل الهوية كما نقول بسذاجة اليوم. ضمن كل المشاركين، كان هناك إثنان، عبد الكبير الخطيبي وأنا بالذات، هما اللذان يتقاسمان ليس فقط صداقة قديمة؛ أي حظوة امتلاك الكثير من الأشياء النابعة من القلب والذاكرة كليهما وإنما كذلك قدرا معينا. إنهما يعيشان، من حيث اللغة والثقافة، في “وضع” معين: لهما وضع اعتباري محدد.” (ص.:25-26)
الحجج التي يسوقها دريدا حول اللغة تتخذ كنقطة انطلاق لها مفهزم اللغة في علاقتها باالآخر مثلما تصورها الخطيبي وجسدها في (Amour bilingue” (1983″. بالفعل، يتبنى هذان المفكران وجهات نظر مختلفة في شأن هذه الإشكالية. إذا كاندريدا قد أثبت أن ليس ناك سوى لغة واحدة وأن هذه اللغة ليست في ملكيته، فإن الخطيبي يلح، بالمقابل، على واقعة أننا لم نتكلم أبدا لغة واحدة.
لم يتوقف الخطيبي عن التعبير عن إعجابه بفكر ديقه دريدا، بمناهجه العلمية والنقدية خاصة مفهوم “التفكيك” الذي سعى الخطيبي لتوظيفه لغاية ابتكار منهج آخر لم يكن سوى “النقد المزدوج” الذي أبان عن فائدته ليس فقط في نقد الفكر الغربي بل كذلك في نقد الفكر الميتافيزيقي العربي والإسلامي.
“دريدا، بالفعل” مؤلف نشره الخطيبي لتوجيه تحية خاصة لصديقه الدائم. يتضمن هذا الكتاب أربعة نصوص سبق لنصين إثنين منها أن قرئا بحضور دريدا – نقطة اللاعودة – رسالة مفتوحة إلى جاكدريدا -الاسم والاسم المستعار – مختلفات حول الصداقة بخصوص علاقة الصداقة التي ربطت بين المفكرين الكبيرين، كتب الخطيبي قائلا: “الصداقة المفكرة لا تنتهي بموت أحد الصديقين، فهي تنبعث على نحو خاص من خلال الحداد، وفي قلب محنة الروح وتعاويدها.”
التعليقات