بدلا من الجلوس حول مائدة الحوار والتفاوض ، اعتمد النظام القائم استراتيجية الهجـــــوم الشامــــل في مواجهته لحراك الريف. فمن العصا الغلي...
بدلا من الجلوس حول مائدة الحوار والتفاوض ، اعتمد النظام القائم استراتيجية الهجـــــوم الشامــــل في مواجهته لحراك الريف. فمن العصا الغليظة والتعنيف والاختطاف والاعتقال والبطش والمحاكمات الصورية والأحكام القاسية ... الى نهيق العياشـــة وتهديداتهم بقتل المتظاهرين علنا وبسفك الدماء والعنصرية وإشهارهم لمختلف الأسلحة حتى النارية منها ـــ من دون عقاب أو محاسبة ــــ . الى نشر قـــيء الصحافة الصفراء والإعلام المشبوه ... و توظيف معجون الكلام المنتهية صلاحيته لكركوزات المُحَلـَّــلين الاستراتيجيين ...
وأخيرا اعتماد خطة " أَبُـــو لِســان " الذي يشاع عنه عبثا أنه غَلبَ " أبو العَينين ".. وذلك بترويج وَهْمَ طَيّ ملف الحراك . كالقول باستجابة الدولة لمطالب المحتجين ، و " الغضبة الملكية " ، و " فتح تحقيق صارم بشأن عدم تنفيذ المشاريع " ، و" الحسيمة منارة المتوسط " وتوقيف المواطن المغربي الهولندي " سعيد شعو" ...
و مقابل تعدد الجبهات المفتوحة هذه . جماهير الحِراك لا تملك إِلَّا سلاحا واحدا يتمثل في وعد الاحرار المسمى " ذوري ــ ثوري " يعني " طلعت – طلعت ". أي أن الكلمة الأولى والأخيرة في الحراك المبارك تبقى لطلعتين :
الطلعة الأولى : ـــ التعجيل بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين .
الطلعة الثانية : الاستجابة الفورية لتحقيق كل نقاط الملف المطلبي الاقتصادي والحقوقي .
و سلاح " ذوري ــ ثوري " يستمد قوته القاهرة من تشبث المحتجين ــ كبيرهم وصغيرهم ــ بملفهم المطلبي المشروع والعـــادل ، ووعيهم بمضمونه . وصِدقهم في النضال وثقتهم في النفس وفي قناعاتهم الصلبة التي تحولت الى صخرة تتكسر عليها أوهام كل تلك الجبهات المفتوحة، كما نشاهد ونتابع .
حيث لا " الغضبة " ستثنيهم ولا ليلة القبض على المواطن " شعو" أو غيره ستلهيهم أو تجدي معهم نفعا .
فإن كانت هناك من "غضبة " خلال المجلس الوزاري الأخير. فمرد ذلك يعود بالأســـاس الى عدم إنجاز مشاريع المخطط المسمى " الحسيمة منارة المتوسط " 2015/2019 . ولم تكن لسواد عيون المحتجين المسالمين الذين يُنَكَّـل بهم يوم العيـــــد وفي كل يــــوم .
وبالمناسبة فمخطط " الحسيمة منارة المتوسط " في مجمله يخدم الســـــائح ولا يبالي بالفـــــلاح .. فهو لا يلتفت ولو من باب الرحمة والإحسان الى معاناة المرضى بالسرطان أو الى مستشفى الأونكولوجي ، ولا يضع في صلب اهتماماته المناطق الصناعية ولا الجامعة و ويلات الطلبة ... بل يركز بوضوح على تهيئة المجـــال للسياحـــــة وللسياحــــة فقــــط . وذلك عبر خمس محاور تلتقـــي كلها و تخدم و تدعم هذا الهدف من ؛ تأهيل ترابـــي / بيئة / بنيات تحتية و بعض مشاريع تتعلق بالمجالين الاجتماعي والديني . و يحوز فيها القطــــاع المجالــــي حصة الأسد ــ أكثر من 50 في المئة ـــ من المبلغ الإجمالي المرصود لهذا الغرض .
و قد قُدم مخطط " الحسيمة منارة المتوسط " بحضور رئيس الدولة خلال أكتوبر 2015 . و من بين ما جاء فيه أنه : " ... يطمح ليجعل من الحسيمة قطبــــــا سياحيـــــا متميــزا ذا جاذبية وإشعاع بالمنطقة .. لتضاهي الحسيمة باقي مدن البحــــر الأبيض المتوسط ...."
وان كانت القطاعات الاجتماعية بالمخطط تتضمن مشاريع كبناء مستشفى جهوي و" مركز لتصفية الدم " وملاعب رياضية للتينيــس وغيره و منــــاء ترفيهي ...فكل ذلك لتوفير الشروط الملائمة لراحة ورفاهية وأمن السائـــح ، وليس لخدمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للصياد والمعطل والفلاح ... من الساكنة.
وخلاصة القول أن مخطط " منارة المتوسط " يرى في " الڭراب " ــ بائع الماء ــ تحفة لتزيين الصور ولتجميل الفضاء السياحي . ولا ينظر إليه كإنسان وكمعاناة يومية وحالة اجتماعية لفرد يعيش مع عائلته بدون حقـــــوق .
*www.facebook.com/abdelmalek.haouzi
التعليقات