بعد أحداث الحسيمة الأخيرة منذ نهاية الأسبوع الماضي وما تلاها من مسيرات ووقفات سلمية عبر ربوع المغرب تتضامن مع الريف وأهل الريف وتستنكر...
بعد أحداث الحسيمة الأخيرة منذ نهاية الأسبوع الماضي وما تلاها من مسيرات ووقفات سلمية عبر ربوع المغرب تتضامن مع الريف وأهل الريف وتستنكر تصرفات السلطة المرتبكة واللا أخلاقية، هي ومن يقف في صفها من إعلاميين فاشلين وسياسيين فاسدين ومحللين تحللت خلايا دماغهم فصاروا يختلقون التهم الباطلة بلا دليل ولا منطق، لا بد من الوقوف على نقطة بارزة طبعت هذا الحراك المبارك الشجاع ضد منظومة الفساد التي ترعاها الدولة، وهي سقوط الطابوهات:
لقد استطاع البطل ناصر الزفزافي ثم البطلة نوال بنعيسى وفي ظرف بضعة أيام فقط أن ينجحا في تكسير اثنين من أكبر الطابوهات التي ظلت، و برعاية من السلطة، تكبّل المجتمع المغربي وتقف عائقا أمام ولوجه لمرحلة الحداثة
الطابو الأول هو هيمنة المنظومة الدينية ورموزها من أئمة وخطباء الجمعة وعلماء البلاط الذين جعلت منهم السلطة تحت ظل مؤسسة إمارة المومنين جيشا احتياطيا يستغل تشبث الناس الطبيعي والعفوي بقيم الدين الإسلامي من أجل تمرير خطاب الخضوع الأعمى والطاعة العمياء لمن يحكم وقتل الشعور بالكرامة لدى المواطن و مقاومة كل عناصر التقدم والحداثة ، إلى أن تجرأ ناصر الزفزافي على التصدي المباشر لخطيب الجمعة عندما اتهم هذا الأخير من يطالب بحقوقه بالتحريض على الفتنة.
أما الطابو الثاني في مجتمع محافظ وتحكمه منظومة تبني شرعيتها على مفاهيم تقليدانية بالية فهو نجاح المرأة في قيادة الاحتجاجات في الشارع العام. لقد قفز المجتمع المغربي كله قفزة نوعية سيذكرها التاريخ، عندما تصدرت امرأة شابة هي نوال بنعيسى لجموع المحتجين يوم الثلاثاء الماضي في الحسيمة بعد أن وقع اعتقال الزفزافي، وحملت الميكروفون وصدحت بصوتها شعارات تعبر عن رفض الفساد والظلم، هذه النقلة النوعية في مجال مكانة المرأة وحقوق المرأة ربما سيفوق حجمُ تأثيرها حدثَ تصويت البرلمان على مدونة الأسرة الأخيرة عام 2004.
إذا عدنا إلى تاريخ الاحتجاجات والثورات نرى أن التخلص من هيمنة وسلطة رجال الدين من جهة، وتحرير المرأة من جهة أخرى، عنصران يلازمان كل الحركات التحررية وعلى رأسها الثورة الفرنسية عام 1789 والتي أفضت إلى قطع رأس الملك لويس السادس عشر وانتهاء حقبة الملكية الفرنسية التي كانت متحالفة مع سلطة الكنيسة، كما تدل على ذلك هذه الومضات التي سجلها التاريخ:
إلى يومنا هذا عندما تذكر الثورة الفرنسية تذكٍر هذه الوصية الشهيرة: “إن أعز متمنياتي هو أن يتم خنق آخر الملوك بأمعاء آخر القساوسة” أو بالفرنسية:
“Je voudrais, et ce sera le dernier et le plus ardent de mes souhaits, je voudrais que le dernier des rois fût étranglé avec les boyaux du dernier prêtre.”
هذه كانت وصية من وصايا أحد رجال الدين هو جان ميسليي Jean Meslier الذي عاش قبل الثورة الفرنسية بين 1664 و1729 في شمال فرنسا وتمرد على الكنيسة وعلى الإقطاعيين النبلاء في عصره وترك عدة وصايا اهتم بنشرها من بعد ذلك الفيلسوف الشهير فولتير.
بتاريخ الخامس من أكتوبر 1789 توجهت مجموعة من النساء يقدر عددهن بين7000 و8000 امرأة من باريس إلى قصر فيرساي حيث يقطن الملك وهن يرددن : “نريد الخبز ، نريد الخبزDu pain, du pain” وكل واحدة تحمل ما وقعت عليه يدها من أدوات المطبخ واقتحمن القصر حتى اضطر الملك لاستقبالهن والاستماع لمطالبهن في انتظار وصول كتيبة من الحرس الملكي تعدادها 20000 جندي ولكنها فشلت في التصدي للنساء وبعد ذلك قبل الملك رغما عن أنفه أن يوقع على” إعلان حقوق الإنسان والمواطن” ويعود من فرساي إلى باريس، هذه الوثيقة التاريخية اعترفت بعدة مبادئ من بينها حق الإنسان الطبيعي وغير القابل للتقادم في مقاومة الظلم، بهذا التعبير:
“Le droit imprescriptible de l’homme à la « résistance à l’oppression»”.
ثم توالت الأحداث إلى أن حكم البرلمان الجديد بالإعدام على الملك لويس السادس عشر ونُفذ فيه بالمقصلة صبيحة الواحد والعشرين من يناير عام 1793 وانتهى عهد الملكية وظلمها في فرنسا.
فشكرا لك يا ناصر وشكرا لك يا نوال ..
التعليقات