بنسليمان من المصطفى بنصباحية - مر الأسبوع الأول من رمضان بمدينة بنسليمان بالرتابة المعهودة في مثل هذا الشهر من السنة ، أزقة و شوارع ...
بنسليمان من المصطفى بنصباحية -
مر الأسبوع الأول من رمضان بمدينة بنسليمان بالرتابة المعهودة في مثل هذا الشهر من السنة ، أزقة و شوارع لا يكسر فراغ صبيحاتها سوى الموظفين و الموظفات الظاهر على سحناتهم علامات العياء و قلة النوم المتوجهين لإدارات لا تفتح أبوابها إلا لتعبر عن تعطل العمل، هذه الرتابة التي زادت من حدتها بداية إغلاق المؤسسات التعليمية لأبوابها في وجه التلاميذ .
تبدأ الحياة تدب في مفاصل المدينة ببطء حوالي الساعة الحادية عشر عنوانها البارز التوجه إلى السوق المركزي و الأسواق غير المرخصة التي نبتت كالفطر في أغلب أحياء المدينة و زاد من انتشارها شهر رمضان ، في رحلة البحث المضنية عن المواد الغذائية لتهيئ وجبة الفطور التي تتحول بفعل الحرمان المعيق لتحقق الغريزة البشرية إلى أولوية اهتمام المجتمع و تتحول معه التغذية من ممارسة طبيعية للحفاظ على الحياة إلى القضية الكبرى للوجود . هذه الوجبة التي يفضي تناولها إلى تيه تتعدد عناوينه من التجوال في الشوارع و الأزقة إلى ملئ فضاءات الحدائق و كراسي المقاهي إلى لعب " الكارطا و الرامي" في انتظار وجبة نهاية الليل لينتهي الجميع إلى فراش النوم في انتظار يوم آخر لتكرار السلوك ذاته و الممارسة نفسها.
نهاية الأسبوع و فجأة و دون سابق انظار ستشهد المدينة حركة كسرت الروتين ، ماذا حدث لتتحول المدينة إلى ورش مفتوح تصل ساعات العمل به الليل بالنهار؟ أي عقل استطاع إقناع الكل و عمل على استنهاض كل هذه الههم التي أزاحت عنها كسل رمضان و انخرطت بكل ما أوتيت من قوة و جد في إصلاح بنيات المدينة و تهيئ بعض فضاءاتها و صباغة أرصفة شوارعها ؟ و أين كان هذا العقل الذي لو اشتغل منذ مدة لحل جميع إشكالات المدينة؟ و من أين له بالموارد المالية الكفيلة بتسديد نفقات هذه الأشغال ؟ و ظلت الأسئلة تحاصرني بحيث التنبس علي كل شيئ و ساورني الشك بين الواقع و الحلم و تضخمت حيرتي في محاولة فهم ما يجري إلى أن جاءني الخبر اليقين و المتمثل في أن ما يقف وراء هذا كله ليس غيرة على المدينة و سكانها و ليس إرادة نابعة من قناعة راسخة في تدبير الشأن العام تتمثل الإصلاح كغاية راسخة للإجابة على حاجيات السكان بل الأمر يتعلق فقط و كما جرت إرادة السلطة بالتهيئ لزيارة ملكية مرتقبة للمدينة و أن ما يتم تهيئته هي فقط الممرات التي من المحتمل أن يمر منها الملك و واجهات الفضاءات التي سيدشنها. و أن العقل المدبر لهذا التهييئ هو السلطة الإدارية التي تسموا في مثل هذه الحالات على جميع السلط بما فيهم سلطة التمثيل الانتخابي.
حينها اتضح لي كل شيء و تيقنت أن ما يحاول البعض إيهامنا به بأننا نتطور في اتجاه الديمقراطية و الحداثة مجرد لغو ما دامت مثل هذه المظاهر تهيمن على سلوك من أوكل إليه تدبير مناحي وجودنا. و في انتظار تجاوز مأزقنا التاريخي بأقل الخسائر المحتملة ستظل السلطة و السلطوية الريشة التي ترسم ظلال مناحي حياتنا.
التعليقات