تسببت التنازلات التي قدمها حزب العدالة والتنمية المغربي في مساق المفاوضات لتشكيل الحكومة، في غليان كبير بين صفوفه، أهم هذه التنازلات، ال...
تسببت التنازلات التي قدمها حزب العدالة والتنمية المغربي في مساق المفاوضات لتشكيل الحكومة، في غليان كبير بين صفوفه، أهم هذه التنازلات، التراجع عن الموقف الذي صمد أمامه رئيس الوزراء الاسبق عبد الاله بن كيران والذي كلفه العزل من مهمته والمتمثل في رفض دخول الغريم اللدود، حزب الاتحاد الاشتراكي ، ثم التفريط في القطاعات الاقتصادية الرئيسية لصالح حزب الأحرار الذي يصنف كحزب اداري، وتفريطه أيضا في وزارة العدل التي كان يتولاها مصطفى الرميد القيادي في العدالة والتنمية الذي تم “اسكاته” بوزارة جديدة هي وزارة حقوق الانسان.
بيد أن ما لم يستسغه العديد من أنصار الحزب الاسلامي وهو ما يعبرون عنه على شبكات التواصل، هو رضوخ سعد الدين العثماني خلال قيادته للمفاوضات لارادة المخزن والقبول بتسليم وزارة الداخلية لشخصية يعتبرها الحزب عدوا له ويتعلق الامر بعبد الوافي الفتيت الذي خاض معه ممثلوا الحزب في الرباط صراعا مريرا عندما كان محافظا على العاصمة، بسبب الخلافات التي نشبت بين الطرفين عقب اجتياح الاسلاميين للجهة في الانتخابات البلدية (سنة 2015) وحصولهم على عمادة المدن الرئيسية الثلاث في الجهة وهي الرباط وسلا وتمارة، غير أن اسم الفتيت سيظهر بشكل أبرز في الصحافة وعلى الصفحات الاجتماعية عندما سيكشف اسمه ضمن قائمة تضم شخصيات سياسية وازنة ومسئولين كبار في الدولة تخص الاستفادة من بقع أرضية في المجال الحضري للعاصمة الرباط بأسعار جد بخسة مقارنة مع أثمنتها الحقيقية التي تظل خيالية، فيما أطلق عليه فضيحة “خدام الدولة” وهو الوسم الذي انتشر انتشار النار في الهشيم خلال العام الفارط، وتبين أن عبد الوافي الفتيت قد استفاد من أرض في أرقى وأغلى منطقة في الرباط مساحتها 3500 متر بسعر لا يتعدى 30 دولار.
أنصار العدالة والتنمية اتهموا أيضا عزيز أخنوش رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” بالاستحواذ على كل شيء في الحكومة، وفرضه الأمر الواقع خلال المفاوضات مستغلا ضعف شخصية العثماني الذي منحه الملك مهلة 15 يوما لإنهاء تشكيل الحكومة .
أبرز ردود الأفعال الغاضبة جاءت من قياديين معروفين داخل الأمانة العامة للحزب، كآمنة ماء العينين التي كتبت أن ما حدث هو “اذلال غير مبرر للحزب وللارادة الشعبية” داعية في نفس الوقت الى جمع توقيعات للمطالبة بعقد دورة للمجلس الوطني للحزب.
عبد العالي حامي الدين الذي كان من بين الأسماء المرشحة لتولي حقيبة وزارية، دون أن يتم ذلك، دعا أنصار الحزب الى وضع مسافة نقدية بين العدالة والتنمية والحكومة، فيما وصف بلال التليدي عضو المجلس الوطني ما حدث بمحاولة لاضعاف الحزب.
حزب الاتحاد الدستوري الوافد الجديد على الحكومة، بدوره لم يسلم من عدوى الغليان، اذ هو الآخر يشهد حالة توتر شديدة داخله، بسبب ما اعتبرته قواعده، خذلانا للحزب وضحكا على الذقون، بعد حصوله على حقيبتين فقط، علما أنه حاز على 19 مقعدا في الانتخابات البرلمانية، فيما حصل حزب “الاتحاد الاشتراكي” على ثلاثة حقائب في الحكومة وهو الذي لم يظفر في الانتخابات سوى ب12 مقعدا.
وحسب مصادر قيادية فان عزيز أخنوش الذي اعتبره كثيرون أنه “رئيس الحكومة المكلف” الفعلي، لم يكن يرد على اتصالات محمد ساجد أمين عام الاتحاد الدستوري لمدة ثلاثة أيام قبل اعلان التشكيلة النهائية. هذا الأخير رد على انتقادات الغاضبين، حسب ذات المصادر، بأنه مستعد للانسحاب من الحكومة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس، منار السليمي، اعتبر تعيين وزير العدل السابق، مصطفى الرميد، وزيرا للدولة مكلفا بحقوق الانسان في الحكومة الجديدة، الذي أغضب أنصار “العدالة والتنمية” أن له دلالة تهدف الى خلق توازن بين الاسلاميين واليسار في مجال حقوق الانسان بالمغرب.
وقال السليمي أنه ينبغي الانتباه الى أن الامر يتعلق بوزير دولة في تسمية هي الوحيدة داخل هيكلة حكومة العثماني، لافتا الى ان المجال الذي سيدخله مصطفى الرميد، يتعلق بحقوق الانسان في اشارة الى ارتباط هذا القطاع بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يعتبر مؤسسة “يسارية بامتياز″، والتي كثيرا ما كانت توجه لها قيادات العدالة والتنمية الانتقادات بسبب بعض المواقف من “الدين” والحرية الفردية أساسا.
وأوضح المتحدث، أن تعيين الرميد على رأس الوزارة الجديدة، يهدف الى خلق توازن داخل مجال حقوق الانسان بين الاسلاميين واليساريين.(راي اليوم)
التعليقات