$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

بعض معيقات الديمقراطية كنظام سياسي في العالم العربي - محمد علي شعبان*

رغم انشغال العالم بالديمقراطية منذ نصف قرن ، وبداية إرهاصات شعاراتية تظهرهنا وهناك ،حتى الآن فإن بعض البلدان تعتبر هذا التفكير حديث ال...


رغم انشغال العالم بالديمقراطية منذ نصف قرن ، وبداية إرهاصات شعاراتية تظهرهنا وهناك ،حتى الآن فإن بعض البلدان تعتبر هذا التفكير حديث المنشأ وغريب على مجتمعاتها، ومعدوم في بلدان اخرى. ومازال يبحث عن شرعية وجود في المجالات العملية رغم تحقيق نجاحات بالمعنى النظري لدى الكثير من النخب ، لكنه لم يُختبر كتجربة ناجحة حتى الان بل يتغلغل تدريجيا ويحقق تقدما نسبيا بشكل متفاوت بين بلد وآخر ، وحسب خصوصية كل بلد  والمعيقات التي تحول دون تحقيق نجاحات كبيرة ، ولسوء الحظ جاء اختبار التفكير الديمقراطي في عالمنا العربي  في لحظة تاريخية معقدة أشد التعقيد .
 إن اللحظة التي انطلق فيها الحراك الشعبي ورفع شعارات ديمقراطية دون وجود حوامل حقيقية تستطيع تجذير الفكر الديمقراطي بل العكس من ذلك بعد فترة قصيرة من انطلاق الحراك ظهر خطاب مناقض للديمقراطية تماما وتبين ان له حاملأً اجتماعياً واسعاً بسسب تأثير الفكر الديني في تلك المجتمعات هو دلالة واضحة على ان الفكر الديمقراطي لم يتأسس ضمن بنية مجتمعية ناضجة ، لذلك ماكان ممكناً الامس لم يعد ممكناً اليوم بنفس السهولة والقدر لعدة أسباب أهمها أن خصوم التفكير الديمقراطي وجدو الفرصة المناسبة للإنقضاض عليه ومحاولة تفشيله مستغلين بذلك نقطة الضعف التي أشرت إليها سابقا ، فالواقع هو ميدان الاختبار الحقيقي لأي فكرة سياسية أو اجتماعية فيكون بذلك قد وجه الحراك صفعة قوية للديمقراطية وحواملها الاجتماعية الفعليين بعد تبنيه من دول هي أشد العداء للديمقراطية، فزاد الامر تعقيدا حيث أن التفكير الديمقراطي وليد جديد في مجتمعاتنا ولم يؤسس له بشكل جيد،  لفقر حقيقي بحملة الفكر الديمقراطي من النخب العربية المنحدرة من أوساط حزبية وسياسية حاملةٌ معها جزء ليس قليل من أمراض السلطات المستبدة بشقيها الاجتماعي والديني التى حكمت المنطقة العربية  لقرون طويلة ، والتأثير العميق للفكر الديني في هذه المجتمعات ،ونخبها السياسية التي مارست الدعاوى للحراك وحاولت تبنيه وروجت له واعتبرته ثورة من أجل الديمقراطية التي تعاديها فعليا ،لكنها ترفعها كشعار لتغطية الاستبطانات الدينية والمذهبية التي تخفيها .
إن ماظهر من حماس بالحراك ومن الأوساط الاجتماعية التي دعمته ليس بفضل الوعي الديمقراطي بقدر ماهو كره وتمرد حقيقي لنظم الاستبداد البغيض ،والفساد المستشري بكافة أجهزة الدولة و المال السياسي الذي دفعته الدول الراعية للحراك مما جعلهم أكثر شجاعة وإقداما .
 لقد أطلق الحراك طاقات كامنة لم تكن تخرج لولا الظروف الاستثنائية التي مرت على بعض الدول العربية وظهر فيها أن بعض المنتفضين يعانون فقرا واضحا بالوعي الوطني والديمقراطي . وإن نخبهم السياسية والدينية التي تصدرت المشهد هي أبعد ماتكون عن الثقافة الديمقراطية ، لا بل تعاديها وهذه النخب لاتريد من المنتفضين سوى السير تحت سقف مشروعها السياسي وهو الوصول إلى السلطة بيافطات ديمقراطية زائفة ،وخطاب ديماغوجي واضح مستخدمةً بذلك أقذر أنواع الأدوات من أجل تحقيق مشروعها الطائفي والمذهبي الذي يعادي في بنيته وطبيعته أي تفكير ديمقراطي.
إن هذه النخب ليست مغفلة وليست بلهاء إنها تعي تماما ماذا تفعل وتعرف أن الديمقراطية عدوة لها ولنهجها وتفكيرها لذلك اتخذت ماتراه مناسبا لخدمة مصالحها، لكن النخب الديمقراطية الحقة أو التي تدعي الديمقراطية فهي المسؤول الأكبر تجاه التقصير لعدم بذل الجهد الكافي عليها اولا وعلى المجتمع ثانيا ، نحملها المسؤولية رغم فهمنا وتقديرنا للصعوبات التي تعرضت لها هذه النخب من اعتقالات وقمع وغير ذلك من الأنظمة الشمولية المغلقة التي حكمت بلداننا طيلة نصف قرن من الزمن، فالمسؤولية على قدر المعرفة.
إن التحدي تجاه النخب هو كيفية استثمار وتوظيف تلك الشعارات التي رفعها المنتفضون في الساحات العربية وتبييئها ومحاولة الإستفادة بأكبر قدر منها ومحاولة فضح وعزل خصوم وأعداء الديمقراطية بغية خلق تراكم ديمقراطي فعلي والبناء عليه لمشروع نضالي طويل الأمد، والديمقراطية لاتأتي كوصفة طبية جاهزة أو كشراء سلعة . وتغيير الأنظمة المستبدة والفاسدة أو إسقاطها ليس البديل بالضرورة انظمة ديمقراطية ،كما أن صناديق الاقتراع لاتقدم بالضرورة ايضا بديلاً ديمقراطياً لمجرد انه جاء على انقاض نظام مستبد وفاسد . أو مجرد أن المنتفضين عليه حملوا شعارات ديمقراطية ولنا في بعض البلدان العربية امثلة كما ينطبق هذا على البرلمانات التي تتشكل على انقاض برلمانات نضم الاستبداد. فكل ماهو في اطار النخب والسلطة ليس بالضرورة ان يكون ديمقراطيا. فالواضح ان الطريق نحو الديمقراطية مازال صعبا وامامه الكثير من المعيقات على كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية التي تشكل المقلع الأولي والخطوة الأولى بالطريق باتجاه الديمقراطية وليس كما يتوهم البعض إن سقوط الانظمة وانتصار الانتفاضات يعني الوصول للديمقراطية. حيث أن العلاقات الاجتماعية والسياسية التقليدية والدينية هي عوامل مهمه بإعاقة المسار الديمقراطي بالإضافة إلى الأنظمة المستبدة وثقافتها التي كرست طيلة خمسين سنة. هذه العلاقات بقيت كما هي في مجتمعاتنا وما زالت تمانع المفاهيم الحديثة وتقاومها. كمفاهيم الحرية -المساواة-العدالة الاجتماعية-وغيرها من المفاهيم فكيف يكون الامر بمفهوم الديمقراطية ودولة المواطنة وهذا احد التحديات امام النخب حيث أن القناعات والمعتقدات الدينية التي تحتاج لإعادة تصويب بما ينسجم مع قبول الآخر المختلف والبحث عن مشتركات وتطويرها بالتوازي مع التخلي عن الاحساس بالأنا المؤمن ، والأخر الكافر.
 لقد أصبح من الواجب البحث جديا عن كيفية إزالة العقبات الاجتماعية والسياسية والفكرية والدينية التي تحول دون الانتقال إلى المسار الديمقراطي عبر انتاج ثقافة جديدة غايتها انتقال الإنسان من الأنانية إلى التشاركية ، وهذا هو المدماك الأول الذي يستحق العمل من أجله.   

محمد علي شعبان /تيار طريق لتغيير السلمي | qaeron@hotmail.com

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6524,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,170,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,5,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,987,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,299,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,13,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,759,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1305,تقرير صحفي,75,تونس,90,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,388,حزب الله,9,حماس,1,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,374,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,15,سوشال ميديا,15,سياحة,1,سينما,29,شؤون ثقافية,446,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,910,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,1,علوم و تكنولوجيا,314,عناوين الصحف,322,غزة,81,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,604,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1929,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1253,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,7,مغاربي,1045,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: بعض معيقات الديمقراطية كنظام سياسي في العالم العربي - محمد علي شعبان*
بعض معيقات الديمقراطية كنظام سياسي في العالم العربي - محمد علي شعبان*
https://2.bp.blogspot.com/-hkRR7jiYUCg/WOae5EXJSjI/AAAAAAAAmg8/V-u_lrl4B0QA4zAAZKufS2oytS7LJ5GzgCLcB/s640/12027673_763891997070684_107412549132108792_n.jpg
https://2.bp.blogspot.com/-hkRR7jiYUCg/WOae5EXJSjI/AAAAAAAAmg8/V-u_lrl4B0QA4zAAZKufS2oytS7LJ5GzgCLcB/s72-c/12027673_763891997070684_107412549132108792_n.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2017/04/blog-post_67.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2017/04/blog-post_67.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية