$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

حكومة العثماني.. أي انتقام؟ - علي أنوزلا*

عندما عين القصر الملكي في المغرب، في العام 2007، حكومة عباس الفاسي، ذات ليلة قدر في أحد مساجد مدينة فاس، كَتبتُ واصفا تركيبة تلك الحكومة...

عندما عين القصر الملكي في المغرب، في العام 2007، حكومة عباس الفاسي، ذات ليلة قدر في أحد مساجد مدينة فاس، كَتبتُ واصفا تركيبة تلك الحكومة بأنها "عقاب رسمي جماعي" لكل المغاربة الذين قاطعوا انتخابات ذلك العام، والتي سجلت أدنى نسبة رسمية في المشاركة في استحقاقات وطنية في تاريخ المغرب، على الرغم من النداء الملكي في خطاب موجه إلى الشعب للتصويت بكثافة، وعلى الرغم من الحملة الرسمية التي قادتها الدولة، وأنفقت عليها بسخاء من أموال دافعي الضرائب، كان شعارها "2007 دابا"، أي "2007 الآن". لكن، عندما حل يوم الاقتراع خذل المغاربة الدولة والسياسيين، وتخلف أغلب الناخبين عن أداء "واجبهم الوطني"، فكان العقاب حكومة لا علاقة لها بما صوتت عليه الأقلية التي شاركت في انتخابات ذلك العام. 
العودة بالذاكرة إلى الوراء لعقد مقارنة بين سياق تعيين حكومة عباس الفاسي (2007 - 2011)، وسياق الإعلان عن الأغلبية الحكومية المقبلة التي سيقودها سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المعين قبل أكثر من أسبوعين، تعيد إلى وجود أوجه تشابه عديدة بين السياقين. فعند تشكيل حكومة عباس الفاسي الذي يعتبر أضعف وزير أول في عهد الملك محمد السادس، تم فرض أغلبية حكومية عليه، وأكثر من ذلك فُرضت عليه حتى الأسماء التي تولت فيها مناصب وزارية، وأغلبها لم يسبق أن انتمت إلى أي حزب، وتم الإعلان عن انتماءاتها السياسية الجديدة، عندما تم تعيينها لتحمل مسؤوليات وزارية.
وهكذا اكتشف المغاربة آنذاك أسماء "مناضلين حزبين"، ينتمون إلى أحد أحزاب الإدارة، هو"التجمع الوطني للأحرار": عزيز أخنوش ومنصف بلخياط ونوال المتوكل وياسمينة بنخضرا وياسر الزناكي. وللتذكير أيضا، فقد تمت معاقبة أحد الأحزاب آنذاك، هو "الحركة الشعبية"، الذي يصنّف في المغرب ضمن الأحزاب الإدارية، عندما اعتذر أمينه العام عن قبول تعيين شخصيات مستقلة في الحكومة باسم حزبه، وهكذا أُخرج ذلك الحزب الذي ظل يوجد في كل الحكومات التي عرفها المغرب منذ خمسينات القرن الماضي إلى "المعارضة الرسمية"، مكرها لا بطلا.
ومن مفارقات السياقين المقارنيين، من بين أسماء الشخصيات المستقلة التي كانت ستتولى حقيبة وزارية في حكومة عباس الفاسي، باسم حزب الحركة الشعبية، هو عزيز أخنوش، الذي سيدخل إلى الحكومة نفسها تحت يافطة حزب آخر، هو التجمع الوطني للأحرار. وبسبب رفض استوزاره تحت لون "الحركة الشعبية"، أُبعد هذا الحزب أربع سنوات إلى "المعارضة الرسمية". واليوم، يعود الاسم نفسه إلى الواجهة، ولكن هذه المرة رئيساً لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي تولى رئاسته في اليوم الذي أُعلنت فيه نتائج الانتخابات التي شهدها المغرب في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي!، وبسبب شروطه التعجيزية التي وضعها أمام رئيس الحكومة المعين السابق، عبد الإله بنكيران، من أجل تشكيل حكومته، سيتم إِبعاد بنكيران من مهمة تشكيل الحكومة المقبلة، ومن رئاسة الحكومة، فقط لأنه رفض شروط رئيس هذا الحزب المقرّب من القصر في المغرب.
لم تُعمر حكومة عباس الفاسي، بكل تناقضاتها، طويلا، فسرعان ما اندلعت رياح الربيع العربي في الشرق، وفجرت غضبا شعبيا في المغرب، ذات يوم ممطر، هو 20 فبراير/ شباط 2011، نسف معه أثر ذلك "العقاب الرسمي الجماعي"، لتأتي حكومة بنكيران محمولة على أكتاف المتظاهرين، قبل أن يصل رئيسها، بعد خمس سنوات من الشد والجذب، إلى نقطة النهاية غير السعيدة التي بات يعرفها الجميع.
وعندما ننظر إلى ما يجري اليوم في المغرب، توحي كل المؤشرات التي رافقت سياقات تشكيل أغلبية العثماني التي ستنبثق عنها حكومته المقبلة بأنها ستكون حكومة "انتقام رسمي" من زعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، بسبب تصريحاته "المنتقدة" لبنية النظام، ورفضه الرضوخ للشروط المهينة التي فرضت عليه، لتشكيل أغلبية حكومية جديدة، يكون هو فيها مجرد منفذ. وبالمناسبة، قبل خلفه سعد الدين العثماني بكل تلك الشروط من دون مناقشة، ومن دون أي تبرير حتى الآن أمام الرأي العام. وهي أيضا "انتقام رسمي" من حزب العدالة والتنمية الذي باتت شعبيته تخيف جهاتٍ نافذةً داخل السلطة في المغرب، وقد أحدث حتى الآن هذا "الانتقام" رجّة كبيرة داخل الحزب الذي كان يستمد قوته من وحدته وتماسك صفوف مناضليه. وهي، مرة أخرى، انتقام من حزب الاستقلال ومن زعيمه حميد شباط الذي كشف عن مخطط "انقلاب"، رفض الانخراط فيه عندما دُعي إلى اجتماع عاجل يوم 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 (يوم إعلان نتائج الانتخابات) بين قيادات حزبية لتشكيل "أغلبية مصطنعة"، خارج ما أفرزته صناديق الاقتراع، لقطع الطريق على الإسلاميين للعودة إلى قيادة الحكومة. وهي، أخيرا وليس آخرا، ستكون أكبر "انتقام رسمي جماعي" من كل المغاربة الذين منحوا أصواتهم لحزب العدالة والتنمية، الإسلامي، ولكل من ساندوا زعيمه الشعبي عبد الإله بنكيران الذي تمت إزاحته من رئاسة الحكومة بطريقة مهينة، تحمل في طياتها إهانة أكبر لكل من صوّت له ولحزبه في الانتخابات أخيرا. 
يقول مثل شعبي في المغرب "يجب الحذر من غضب البحر والجمل والمخزن" (المخزن هو السلطة المركزية في المغرب التي تقابل مفهوم الدولة العميقة في الشرق)، فما يجمع بين الثلاثة هو وازع الانتقام الذي عندما ينفجر يصعب التحكم فيه، وتوقع عواقبه وخواتمه. وما يحدث الآن نوع من الانتقام الرسمي الجماعي، وبأثر رجعي من كل من حلم بمغرب ديمقراطي، سواء عبَّر عن حُلمه بالتظاهر في الشارع، أو بمحاولة الإص 

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6525,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,170,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,5,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,989,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,299,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,14,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,762,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1306,تقرير صحفي,75,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,388,حزب الله,9,حماس,1,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,374,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,18,سوشال ميديا,15,سياحة,2,سينما,29,شؤون ثقافية,446,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,911,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,1,علوم و تكنولوجيا,314,عناوين الصحف,322,غزة,82,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,606,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1929,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1253,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,8,مغاربي,1046,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: حكومة العثماني.. أي انتقام؟ - علي أنوزلا*
حكومة العثماني.. أي انتقام؟ - علي أنوزلا*
https://4.bp.blogspot.com/-zTSDRe-SdN4/WOVLp3Zu0VI/AAAAAAAAmew/KdmzmpBZGV0Z6u2hOLGiZVZf2MWcE_zfACLcB/s640/Ali-Anouzla-800x478.jpg
https://4.bp.blogspot.com/-zTSDRe-SdN4/WOVLp3Zu0VI/AAAAAAAAmew/KdmzmpBZGV0Z6u2hOLGiZVZf2MWcE_zfACLcB/s72-c/Ali-Anouzla-800x478.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2017/04/blog-post_35.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2017/04/blog-post_35.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية