لا شك أن إعفاء بنكيران و تعيين شخص آخر من نفس حزب بنكيران لتشكيل الحكومة يطرح عدة تساؤلات على المشهد السياسي بالبلاد، فهل بنكيران كان ...
لا شك أن إعفاء بنكيران و تعيين شخص آخر من نفس حزب بنكيران لتشكيل الحكومة يطرح عدة تساؤلات على المشهد السياسي بالبلاد، فهل بنكيران كان يقوم بمشاورات تشكيل الحكومة كأمين عام لحزب أم كشخصية مستقلة ؟ هل القرارات التي كان يتخذها بنكيران في تحديد طبيعة التحالفات لتشكيل الحكومة قرارات فردية لا تلزم حزب العدالة و التنمية و أمانته العامة أم هي قرارات لمؤسسات الحزب ؟ و بصيغة أدق هل البلوكاج في تشكيل الحكومة ناتج عن تمثل بنكيران لشكل الحكومة و مكوناتها أم أنه محصلة لقرار حزبي لا يقوم بنكيران كأمين عام للحزب سوى بتصريفه من أجل تشكيل الحكومة؟
هذه بعض الأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح على الممارسة السياسية و الحياة الحزبية ، على اعتبار أنه بالمنطق السليم لحياة سياسية سليمة يعتبر فشل بنكيران في تشكيل الحكومة عنوان كبير لفشل حزب العدالة و التنمية في هذه المهمة على اعتبار أن الشخص الآخر الذي سيكلف بهذه المهمة من نفس الحزب لن يقوم بالمشاورات و عقد تحالفات خارج الخريطة السياسية الحالية و التي عبرت بيانات الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية و ليس بنكران كشخص عن الإمكانيات الممكنة للتحالفات وفي المقابل عبرت بيانات الأحزاب التي يرغب حزب العدالة و التنمية في التحالف معها عن شروطها و المرفوضة من طرف البيجيدي . و تحيل هذه المعادلة العبثية على 3 احتمالات :
الاحتمال الأول و هو قبول الشخص الثاني من العدالة و التنمية لشروط الأحزاب المرغوب في التحالف معها لتشكيل الحكومة مما يعني نهاية حزب العدالة و التنمية كحزب للمؤسسات و الديمقراطية الداخلية ووو... كما يدعي منتسبيها و على بنكيران مغادرة الحزب على اعتبار أنه المسؤول كفرد عن البلوكاج الحكومي و أن كل ما اتخذه من قرارات في هذا الموضوع كانت قرارات فردية لا علاقة لها بالحزب.
الاحتمال الثاني هو تنازل الحلفاء المرغوب فيهم من طرف العدالة و التنمية عن شروطهم مما يعني أن كل الكلام الذي دبجته بيانات هذه الأحزاب عن حكومة قوية و منسجمة قادرة على رفع التحديات الداخلية من جهة و قادرة على مواجهة التحديات الخارجية بما فيها مشكل الوحدة الوطنية و الاستثمار الأمثل لعودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي لم تكن سوى مسرحية مفضوحة لإزاحة شخص بنكيران.
الاحتمال الثالث و المعبر على أن البلوكاج الحاصل في تشكيل الحكومة ناتج عن قرارات مؤسسات حزبية تمتلك استقلالية قراراتها المبنية على تحليل سياسي لشروط المرحلة و كيفية التفاعل معها بغاية توفير الشروط التي تمكنها من تنزيل مقومات التصور المجتمعي الذي تحدده مرجعياتها الإيديولوجية و تناضل من أجل بناء مقوماته. و في هذه الحالة نعتقد أن تكليف شخصية أخرى من حزب العدالة و التنمية لتشكيل الحكومة لن يحل مشكلة البلوكاج.
فإذا كان الاحتمال الثالث هو القريب للتحليل المنطقي السليم على اعتبار أنه من المقروض أن الموضوع يتعلق بتدافع مؤسسات حزبية من أجل ممارسة السلطة لتنزيل برامجها المتعاقد بشأنها مع الهيئة الناخبة و لا مجال لقياسه بالأفعال و ردود الأفعال الناتجة عن الأفراد مهما كانت مكانتهم في المراتب الحزبية، فإن الاحتمالين الأول و الثاني سيعبران بما لا يدع مجالا للشك أن الحقل السياسي بالبلاد مجرد واجهة تتحدد خيوط توجيه مجرياته و مساراته خارج التنظيمات الحزبية و في هذه الحالة سيكون من العبث الاستمرار في الحديث عن الديمقراطية التي لا تستقيم سوى بوجود تعددية حزبية حقيقية لها مرجعياتها الفكرية و البرنماجية و تتمتع باسقلالية فعلية في مواقفها و قراراتها.
المصطفى بنصباحية
التعليقات