شكل اليهود والموريسكيون والسود والعلوج، دائما، أقلية في تاريخ المغرب. لكنهم تمتعوا، في مراحل متفرقة، بنفوذ جعلهم طرفا في الحكم. ...
شكل اليهود والموريسكيون والسود والعلوج، دائما، أقلية في تاريخ المغرب. لكنهم تمتعوا، في مراحل متفرقة، بنفوذ جعلهم طرفا في الحكم.
فيما تفيد مصادر تاريخية أن اليهود اضطلعوا بدور عسكري في جيش إدريس الأول، تشير أخرى إلى أن السلطان المرابطي، يوسف بن تاشفين، سعى عندما كان بصدد الاستعداد للعبور إلى الأندلس، إلى «تكوين جيش رديف منهم، بقيادة عمر بن ديان».
بعد ذلك، تفيد المصادر أن دورهم تقلص في عصر الموحدين، غير أنه مع وصول المرينيين إلى سدة الحكم، أضحى لليهود مكانة أكبر في الدولة أكبر مما كان عليه الأمر في العهود السالفة، حتى اعتبرت فترة حكمهم “فترة يهودية بامتياز”، إذ اضطلع أغنياؤهم وعليتهم بأدوار سياسية في الدولة المرينية، بل تقلد عدد منهم مهاما سفارية رسمية إلى الممالك النصرانية نتيجة تمكنهم من لغاتها بحكم ممارستهم للتجارة فيها، وكذا لوجود أبناء جلدتهم في مراكز القرار بها.
كما ضمت النخب المخزنية، على امتداد قرون، نسبة معتبرة من الموريسكيين، الذين تولى عدد منهم مناصب رفيعة في الجيش والإدارة في المغرب، وأبلوا البلاء الحسن في الجهاد البحري ضد الغزو الإيبيري للثغور المغربية، غير أن تميزهم الكبير كان في العمل الدبلوماسي.
إلى جانب اليهود والموريسكيين، ترك عدد من العلوج بصماتهم في تنفيذ أو مشاركة سياسيات السلاطين المغاربة، خاصة مع السلطان المولى إسماعيل، الذي سعى إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع القوى المسيحية. غير أن لجوء الدولة المغربية إلى العلوج في المجال العسكري لم يبدأ مع العلويين، إذ اعتمدت كل الدول السابقة على العنصر الأجنبي كرديف للجيوش المحلية، بل إن السلاطين وجدوا في العلوج قوة طيعة ووفية لأنها منفصمة عن المجتمع، ويمكن للمخزن أن يعتمد عليها في مواجهة القبائل.
لم يغب عنصر السود، أيضا، عن دوائر التأثير في الحكم، إذ تجلت قوتهم السياسية، كمجموعة عرقية، خاصة بعد وفاة المولى إسماعيل في ثلاثة مجالات أساسية، هي تنصيب وعزل السلاطين، والهيمنة على الجيش، ومراقبة جزء من المالية والإدارة، قبل أن يخبو نجمهم، لكن مع ذلك، حافظوا على امتيازاتهم الاجتماعية والسياسية حتى نهاية القرن التاسع عشر.
مع فرض الحماية على المغرب، عمل المعمرون على اقتسام مراكز النفوذ ومراكمة الامتيازات، وكان الأمل يحذوهم في أن يستمروا على ذلك المنوال حتى بعد عودة محمد الخامس وانطلاق مفاوضات الاستقلال.
*افتتاحية العدد الجديد (41) من مجلة «زمان»
*افتتاحية العدد الجديد (41) من مجلة «زمان»
التعليقات