مرت الى حدود اليوم خمسة أشهر على اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في المغرب التي تصدرها حزب العدالة والتنمية وبذلك تأهل لتشكيل الحكومة،...
مرت الى حدود اليوم خمسة أشهر على اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في المغرب التي تصدرها حزب العدالة والتنمية وبذلك تأهل لتشكيل الحكومة، غير أن هذه الأخيرة، ولأسباب متعلقة بعدم التفاهم نتج عنها توقف المفاوضات حول تشكيلها عدة مرات ورغم كل المحاولات التي بدلها عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة المكلف، لم ينجح في حلحلة الأزمة التي يبدو أنها تتعمق يوما بعد آخر.
قضية الانسداد الحكومي أو ما يتم تداوله في الاعلام المحلي تحت مسمى “البلوكاج” جذب أنظار الاعلام الدولي والمتتبعين خاصة أن وضع كهذا يعتبر سابقة في التاريخ السياسي للمغرب الحديث بشكل أخص في عهد الملك محمد السادس وفي ظل دستور يقول مؤيدوه أنه جاء استجابة لمطالب المحتجين خلال حراك 2011 وأنه حمل اجابة واضحة لكل الانتظارات، فيما يشدد معارضوه على أن تعيين لجنة لصياغة الوثيقة الدستورية من طرف القصر كان التفافا على المطالب والتي اشترط حاملوها تكلّف مجلس تأسيسي منتخب بكتابة أول دستور ديمقراطي يلبي انتظارات المجتمع السياسي والحقوقي في المغرب.
وبعد نحو ست سنوات على خروج الوثيقة الدستورية الى حيز الوجود، يعود الحديث والجدل حول أحد الفصول المهمة داخل الدستور والتي تعد أساسا لتحقيق حق الشعب في تقرير مصيره باختيار من يمثله في ادارة شئون البلاد، وهو الفصل “47” المثير للجدل والذي اصطدم المعنيون من قريب بتشكيل الحكومة بواقع صياغته التي كانت ضيقة الى حد صار هو المتهم الأبرز في هذا الانسداد الحكومي.
لماذا هذا التأخير؟ يتساءل “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، اذ أنه خلافا لما هو معهود في دول أخرى، لم تحدد المغرب آجالا دستورية لتشكيل الحكومة، اذ صمت دستور 2011 عن تحديد اجابة عن هذا الأمر وبدل ذلك ترك الباب مفتوحا على مصراعيه على تأويلات مختلفة وغير محددة بل غير مقنعة.
،المركز العربي في تقرير صادر له قبل أيام قليلة، حول مسألة هذا التأخير في تشكيل الحكومة خرج باستنتاج مفاده أن استمرار تعثر تشكيل الحكومة يعزز الشكوك في وجود اتجاه داخل دوائر صنع القرار يسعى لحرمان حزب العدالة والتنمية من تشكيل حكومته، مشيرا الى وجود نقاش في المغرب حول عدم رضا أوساط “المخزن” عن الفرصة التي أتاحتها التعديلات الدستورية للعدالة والتنمية بعد عام 2011.
مأزق النظام السياسي
ولفت التقرير الى نجاح منظومة الضبط الانتخابي في منع حصول مفاجآت منذ عام 1997 مع تجربة حكومة التناوب (قادها الاتحاد الاشتراكي في اطار توافقي) إلى حين الانتخابات الجهوية عام 2015، والتي قوضت هذا النمط من الاقتراع على المستوى المحلي، موضحا أن حزب العدالة والتنمية نجح في الفوز بالأغلبية الساحقة في مجالس المدن الكبيرة بالمغرب، وبأغلبية مريحة، على الرغم من العائق الكبير الذي ظل يشكله نمط الاقتراع، مضيفا أنها كانت تلك أولى علامات تصدع منظومة الضبط الانتخابي، قبل أن تأتي انتخابات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وتوجه لها ضربة جديدة، بفوز حزب العدالة والتنمية بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية في تاريخ التجربة الانتخابية المغربية.
وخلص التقرير في هذا الاطار، الى أن النظام السياسي في المغرب غير قادر على العودة إلى الخلف والانقلاب على نتائج العملية الانتخابية، وأنه غير قادر أيضا على المضي قدمًا نحو مرحلة جديدة يخسر فيها بعضًا من سلطته ونفوذه لمصلحة صندوق الاقتراع.
سيناريوهات الحل
وفي بحثه عن حلول للمأزق السياسي الذي عر الأزمة الهيكلية في بنية النظام السياسي المغربي الذي وصفه المركز بأنه “نظام هجين”، يخلط ممارسات ديمقراطية حديثة بأخرى سلطوية تقليدية؛ طرح المركز البحثي سيناريوهين اثنين، الأول التوصل الى حل توافقي مع بن كيران من خلال “صفقة جديدة” تنطوي على اجراء تعديلات في بنية النظام تضمن انتقالا ديمقراطيا سلميا؛ أما السيناريو الثاني فهو فشل التوصل الى حل لتشكيل الحكومة ومن تم تقديم بن كيران استقالته للملك، غير أن هذا الطرح يتعارض كثيرا سواء مع الفصل 47 الذي كان واضحا في تحديده لمن يقود مفاوضات تشكيل الحكومة أي الحزب المتصدر للانتخابات، أو مع “باب الحكم” في الدستور الذي لم يحدد أي صيغة بديلة في مثل هذه الحالة.
ونبه المركز الى أنه في حالة عدم وجود حكومة تحظى بثقة الشعب، فإن قرارات كثيرة رتبتها الحكومة المنتهية تتسم بطابع “غير شعبي” سوف تسبب مزيدًا من الاحتقان الاجتماعي بما في ذلك مخاطر على الاستقرار السياسي في البلاد، في اشارة الى قرارات كرفع الدعم عن المواد الاستهلاكية وأخرى تهم الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.(راي اليوم)
التعليقات