$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

هل نجحت السعودية في حربها على الحوثيين؟ - دينا عمر*

دمار هائل في اليمن إثر القصف السعودي في 26 مارس من العام الماضي، أعلنت قوات التحالف العربي المكونة من 8 دول عربية عن شنها لغارات جوي...

دمار هائل في اليمن إثر القصف السعودي

في 26 مارس من العام الماضي، أعلنت قوات التحالف العربي المكونة من 8 دول عربية عن شنها لغارات جوية على اليمن تحت اسم “عاصفة الحزم” بزعم “تحرير اليمن من الحوثيين واستعادة الحكومة الشرعية”. انطلقت الغارات بمشاركة أكبر من القوات الجوية السعودية وبتركيز جغرافي استهدف أولًا المقرات والمطارات ومؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، باعتبار ما تضمه من كافة المرافق والمؤسسات الحيوية. ووفقًا للبيان المبدئي حول تقييم العمليات العسكرية بعد انطلاقها بـ 7 ساعات أعلنت السعودية عدم تسجيلها أي خسائر، فيما أوردت الأخبار، تحقيق انتصارات نسبية استهدفت قصف مواقع عسكرية تتبع الحوثيين وتدمير عدة منازل لقادتهم كذلك عدة معسكرات جوية استخدموها لتخزين الأسلحة.

وخلال عام من بدء العمليات العسكرية، وبمتابعة الانتشار العسكري الجغرافي، فاستيلاء الحوثيين على السلطة ومؤسساتها الحيوية انعكس ميدانيًا على تركز قواتهم بالعاصمة صنعاء، وهو ما توازى مع انعكاس على العمليات العسكرية للتحالف طيلة العام الماضي ابتدءًا من استهداف العاصمة إلى التغلغل تدريجيًا داخل الخريطة اليمنية. معركة عدن هي إحدى أوائل المعارك التي خاضتها قوات التحالف ضد الحوثيين عقب انتقال مقر السلطة والرئاسة اليمنية هناك، فيما انتقلت تلك المعارك جنوبًا في حضرموت وشمالًا في صعدة، مرورًا بمأرب والضالع وسط اليمن والحديدة غربًا. ولازالت هذه المعارك مستمرة حتى الآن تحت مسميات أخرى.

لكن ومع مرور عام من الحرب على أفقر شعوب المنطقة العربية، فإننا بحاجة إلى تفنيد الوضع الجاري باليمن. كيف كان تأثير عاصفة الحزم، وكيف يمكن أن نفهم، في السياق، مجريات المنطقة وأحداث اليمن في القلب منها.

أين وقفت المعارك؟
وفقًا للتقرير الصادر عن المركز اليمني “أبعاد للدراسات والبحوث”، فقد تجاوزت حصيلة القتلى من المدنيين 8300 مدني سقطوا جراء الحرب الدائرة خلال عام 2015، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين. فيما يشير الواقع الميداني أن التقديرات الحقيقية لعدد المدنيين القتلى قد تواجه صعوبات بالغة في حصرها، في ظل غياب صحافة محلية ومراكز أبحاث نشطة. يمكننا تخيل الوضع الاجتماعي المزري الحالي بنسب الفقر التي سجلت أعلى الأرقام بالمنطقة العربية عام 2010، وقبل الاضطرابات الحالية، لتتجاوز 52% من إجمالي السكان، وهي نسب مرشحة للارتفاع المذهل منذ العام الماضي. فيما صرح وزير الخارجية اليمني رياض ياسين في مؤتمر بالكويت بنفس العام أن المعارك الدامية تسببت في تدمير 95% من البنى التحتية. كما تسببت في نزوح ما يزيد عن 1.4 مليون يمني وأكثر من 3.5 مليون يعيشون على المساعدات الغذائية بشكل كامل.

ووفقًا للأخبار المتداولة، فإن العمليات الجوية استهدفت أماكن سكنية ومستشفيات وقرى مأهولة بالسكان على حافة الاشتباكات.

توازى الأمر مع طبيعة العمليات العسكرية التي ينفذها التحالف العربي حيث الاعتماد على الغارات الجوية في تدمير أكبر مساحة ممكنة يحتلها الحوثيون رغم تغلغلهم في المناطق المسكونة. هذه الطبيعة الحربية، إن جاز التعبير، قللت بشكل كبير تورط السعودية التي أعلنت عن فرص لتدخلها البري وما قد يمثله من مستنقع خطير سيبتلع قدرات عسكرية وإمدادات كبيرة كما سيهدد أهداف السعودية في إقرار دخولها الحرب بالضغوط الدولية ضدها. عوضت السعودية ذلك، وخلال تلك الفترة، بتسليح “لجان مقاومة شعبية” اعتمدت على تجنيد أبناء اليمن أنفسهم في المشاركة بالحرب وبغرفة عمليات حربية تُدار أدق تفاصيلها من الرياض، حيث يقبع الرئيس اليمني الفار، لتكون المحصلة، تكوين قاعدة شعبية مسلحة قادرة على فرض أوامر السعودية وفيما عدا تلك الأصوات يتم تصفيتها بالسلاح.

ورغم ذلك لم تتمكن قوات التحالف من السيطرة على العاصمة صنعاء، فيما عدا بعض المديريات، بعد مرور عام كامل من تدمير اليمن.

وماذا يعني المشهد السياسي الحالي؟
قبل أيام أعلن وزير الدفاع السعودي أن الأطراف اليمنية المتنازعة أضحت قريبة جدًا من الوصول لاتفاق يحل الأزمة، وأن هناك وفدا من الحوثيين بالفعل في الرياض. يأتي هذا في إطار ما صرح عنه المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف أحمد عسيري يوم 21 أبريل العام الماضي، بانتهاء العمليات العسكرية لعاصفة الحزم بعد تنفيذ 2415 طلعة جوية، وفي السياق تم الإعلان عن عملية “إعادة الأمل” كشق سياسي لتهيئة الأجواء اليمنية لعودة الرئيس “الشرعي”.

توازى ذلك مع ما طالعنا به رئيس اليمن، هادي منصور، على قرارات لا يمكن فصلها عن المشهد السياسي العام. القرارات جاءت في إقالة رئيس الوزراء وتعيين الفريق علي محسن الأحمر بدلا منه بحجة فشل السابق في “تخفيف معاناة الشعب اليمني” رغم أن القرار ذاته تضمن تعيينه كمستشار دائم للرئيس! والمعروف أن الفريق الأحمر هو من أشد المؤيدين “للشرعية” ومشارك بقوة في التنسيق العسكري مع السعودية بمجموعاته المسلحة. يأتي ذلك قبل أسابيع قليلة من إطلاق المفاوضات المشتركة بالكويت 10 أبريل القادم. مفاوضات بين سلطة استقوت بدولة خارجية دمرت الداخل.. مفاوضات أجبرت الساحة السياسية على اختيارين إما الوقوف مع الدبابات السعودية ومن خلفها رئيس مبادرتها السياسية، أو الوقوف معارضًا والموت بقذائفها.

لكن، هل كل هذا الكم الهائل من الدمار الذي لحق بالشعب اليمني كان من أجل تقويض الحوثيين وإجبارهم على شروط التفاوض؟

اليمن أم سوريا.. أين تقف السعودية؟
بعد 6 أشهر من انطلاق العمليات، أي في أواخر العام الماضي، أعلنت وكالات اقتصادية أمريكية أن السعودية سحبت ما يقارب 50 إلى 70 مليار دولار من استثماراتها حول العالم لتقليل العجز في الموازنة وتمويل الحرب على اليمن إثر أزمة اقتصادية ظهرت تدريجيًا في الصناديق السيادية السعودية وانخفاض سعر النفط.

برغم ذلك، وفي شهر فبراير من العام الحالي، وبعد مرور 10 شهور على العمليات العسكرية السعودية على اليمن، أعلن المتحدث العسكري لقوات التحالف العربي أحمد العسيري أن المملكة مستعدة للمشاركة في أي عمليات برية في سوريا إذا قرر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية القيام بعمليات من هذا النوع.

لا يمكن فهم جدية هذه التصريحات وربطها بأحداث اليمن إلا في عدة إطارات:

أولًا: التدخل البري السعودي في سوريا لن يكون بقرارٍ تطلقه السلطات السعودية حال استطاعت توفيق أوضاعها الداخلية وتهيئة أجوائها السياسية للمشاركة العسكرية. التدخل البري السعودي سيكون ضمن تخطيط دولي لحسم المعركة بريًا وإعلان حرب إقليمية ستتورط فيها جميع الأطراف وهو ما لم تجرؤ تلك الأطراف على إعلانه صراحة بشكل رسمي رغم تورط قوات الحرس الثوري الإيراني بالفعل ميدانيا. السعودية بهذه “النعرات” تجاوزت كل الخطوط الحمراء التي جاهدت مرارًا دول الناتو التحفظ عليها. وسياسيًا، لا يمكن تفسير ذلك بـ “الاندفاع”.

ثانيًا: كذلك كانت الحرب على اليمن، ففي أواخر شهر يناير 2014، أعلن عبد ربه منصور الوثيقة النهائية لمخرجات الحوار الوطني في غياب الحوثيين بعد انسحابهم إثر اغتيال أحد ممثليهم، وبعد انتهاز الحوثيين الحراك الاجتماعي بأكتوبر من نفس العام وإعادة ترتيب أوراقهم بالاستيلاء على السلطة، وجدت السعودية معهم مساعي دبلوماسية مع خفوت ملحوظ في حدة التهديدات، حتى حانت فرصة الانقضاض بتكوين أكبر تحالف عربي يهدف للقضاء عليهم.

يبدو أن قرارات السعودية في التدخل باليمن أو سوريا هو تفاصيل لإطار أعم من الموازنات الدولية بالمنطقة. إيران تحضر خفية في المشهدين بتأثير سياسي وعسكري قويان، في نفس الوقت فالسعودية مدركة تمامًا أن القضاء على الحوثيين هو استحالة عملية لذلك لجأت إلى الحشد الدولي ضدهم في أكبر بروباجندا أعقبت تحقيق انتصارات دولية للناتو في غاراتها ضد سوريا، فيما لم تتوان السعودية عن التصريح بخدمة التحالف الدولي والدفع بجنودها داخل أتون الحرب في سوريا عندما تدخلت روسيا عسكريًا ومن وراءها ميل الكفة لصالح إيران والنظام السوري من جديد. واليوم، وبعد أن حققت الحرب خسائر في صفوف الحوثيين، وضعفت شوكة إيران بالمنطقة الجنوبية، وبعد أن دُمرت اليمن وازداد شعبها فقرا، أصبح الحوثيون “أطراف معارضة” وأصبح أيضا هناك “طاولة حوار”!

بعد عام من عاصفة الحزم، وبعد أعوام من الدور الفعال للسعودية في القضاء على ثورات المنطقة العربية، لا تخوض السعودية حربًا للدفاع عن الشعب اليمني كما كانت أكذوبة بيانات التحالف المتتالية، لو صدقت السعودية لاحتوت المبادرة الخليجية على بنود محاكمات بن صالح ورموز نظامه مثلما كانت المطالبات الشعبية بدلًا من تبرئتها له. كما لم تنجح السعودية في حربها ضد الحوثيين مثلما نجحت في حربها لترتيب أوراقها ومصالحها الخفية. السعودية تقود حربًا تؤكد فيه أن هناك دورًا خطيرًا تلعبه لن يدفع ثمنه سوى الشعوب الفقيرة.

  دينا عمر
*الاشتراكي

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6528,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,171,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,7,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,990,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,300,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,15,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,762,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1307,تقرير صحفي,75,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,389,حزب الله,11,حماس,3,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,376,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,18,سوشال ميديا,15,سياحة,2,سينما,29,شؤون ثقافية,448,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,911,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,2,علوم و تكنولوجيا,315,عناوين الصحف,322,غزة,85,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,611,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1932,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1254,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,8,مغاربي,1047,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: هل نجحت السعودية في حربها على الحوثيين؟ - دينا عمر*
هل نجحت السعودية في حربها على الحوثيين؟ - دينا عمر*
https://1.bp.blogspot.com/-b9YxojKn6w4/WJouAUr9uaI/AAAAAAAAlAk/hsKXo3CtMd0joGD8sf_g_psbglkL4h0cQCLcB/s640/000_Nic6432650-e1427360333568-750x422.jpg
https://1.bp.blogspot.com/-b9YxojKn6w4/WJouAUr9uaI/AAAAAAAAlAk/hsKXo3CtMd0joGD8sf_g_psbglkL4h0cQCLcB/s72-c/000_Nic6432650-e1427360333568-750x422.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2017/02/blog-post_70.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2017/02/blog-post_70.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية