حسين مجدوبي (القدس العربي): عاد القرصان الشهير كولمان إلى تسريب وثائق الدبلوماسية والاستخبارات العسكرية المغربية، وذلك بعدما اختفى لمدة ...
حسين مجدوبي (القدس العربي): عاد القرصان الشهير كولمان إلى تسريب وثائق الدبلوماسية والاستخبارات العسكرية المغربية، وذلك بعدما اختفى لمدة فاقت السنة، وترك تساؤلات عن الجهة التي ينتمي إليها. وبعودته تطرح التساؤلات نفسها مجددا وهي: من يقف وراء كولمان؟
وكان هذا القرصان قد ظهر منذ ثلاث سنوات، وبدأ بتسريب وثائق وزارة الخارجية والاستخبارات العسكرية ومعظمها حول نزاع الصحراء، أي تحرك الدبلوماسية والاستخبارات وكيفية صناعة اللوبيات للدفاع عن هذا الملف. وشكلت تلك التسريبات صدمة، لأنه لأول مرة يواجه المغرب خرقا لأمنه القومي علانية وفي ملف شائك الذي هو الصحراء.
وبعد انقطاع عادت تسريبات كولمان وهذه المرة في «تويتر»، ولكنها تشمل وثائق تعود إلى سنوات خلت، وهذا يعني أن القرصان كولمان لم ينشر كل الوثائق في الماضي، كما أن الوثائق الحديثة لم يتم خرقها بعدما اتخذ المغرب إجراءات احترازية لحماية أسراره.
من الوثائق الهامة التي جرى الكشف عنها تلك المتعلقة برسالة من طرف رئيس حكومة كتالونيا الأسبق جوردي بوجول إلى وزير الخارجية السابق الطيب الفاسي الفهري يتعهد فيها بالدفاع عن مصالح المغرب في إسبانيا. ويعتبر بوجول من السياسيين المخضرمين الذين طبعوا الحياة السياسية في إسبانيا وكتالونيا. وهذه الرسالة تبرز التنسيق بين المغرب والكتالان، وهو ما كانت تتخوف منه إسبانيا دائما إلى مستوى أن رئيس حكومة إسبانيا الأسبق خوسيه ماريا أثنار عارض فتح حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا تمثيلية رسمية في المغرب.
وإذا كانت الدولة المغربية قد نددت في الماضي بتسريبات كولمان، إلا انها تلتزم هذه المرة الصمت بدون تعليق. وكانت الأجهزة المغربية قد أجرت تحقيقا لكنها لم تقدم أي تقرير إلى الحكومة والبرلمان لأن التقاليد المغربية في هذا المجال ما زالت بدائية وليس مثل الدول الغربية. وكانت الجزائر هي المتهمة الرئيسية في البدء، وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، لكن التحقيق كان أشمل وأوسع وشمل جهات متعددة ومنها إسبانيا وفرنسا والجزائر أو أطراف داخلية. ويسود الاعتقاد أنه ليس هناك حسم نهائي في الجهة التي تقف وراء التسريب. وتعتبر طريقة التسريب متعمدة، وبالتالي ترمي إلى هدفين، الأول إما الانتقام استخباراتيا من المغرب بسبب شيء صدر عنه تجاه استخبارات خارجية، أو بسبب إضعاف موقف المغرب في نزاع الصحراء.
وتبقى حماية المغرب لأمنه القومي معلوماتيا عملية صعبة للغاية لأنه لا ينتج برامج المعلوميات، كما أن تلك التي يقتنيها لم تظهر أي جدوى في مواجهة القرصنة الحالية، بينما الأخرى يستعملها لمكافحة الإرهاب ومراقبة النشطاء السياسيين والصحافيين، كما جاء في الكثير من التقارير الأجنبية.
وعجزت دول كبرى عن حماية أمنها المعلوماتي، وبدأت أجهزة استخبارات ذات تاريخ عريق باللجوء الى تحرير التقارير ذات الحساسية الفائقة على الآلة الكاتبة على النمط القديم دون نقلها الى ما هو رقمي وإلكتروني حتى لا تسقط هذه التقارير في يد جهات أجنبية تقوم بقرصنتها.
ويعتقد أن حصول القرصان كولمان على تسريبات مغربية قد يكون تم عبر اقتحام حسابات بريدية لمتعاونين مع الخارجية والاستخبارات أو تقنية زرع فيروس عبر برنامج PDF في قاعدة البيانات، وهو ما تعرضت له دول أوروبية خلال السنوات الأخيرة، حيث تمت قرصنة وثائق وزارات خارجية أوروبية عبر التقنية الأخيرة.
التعليقات