تمر العلاقات المغربية-الموريتانية من أزمة شائكة قد تشهد انفراجا بعد زيارة رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران الى نواكشوط لتجنب ما...
تمر العلاقات المغربية-الموريتانية من أزمة شائكة قد تشهد انفراجا بعد زيارة رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران الى نواكشوط لتجنب ما اصطلح عليه بالتصريحات النارية لزعيم حزب الاستقلال حميد شباط بأن موريتانيا أرضا مغربية. وذهب الكثير من المحللين خاصة في الرباط الى تفسير الأزمة بحلف موريتاني-جزائري ضد المغرب دون تأمل سياسة نواكشوط خلال الأربع سنوات الأخيرة التي أرادت وضع حد لنفوذ جارتيها وفرنسا في هذا البلد.
وكانت موريتانيا دائما هي الحلقة الأضعف في دول المغرب العربي-الأمازيغي، فتارة تقترب من المغرب وتارة تقترب من الجزائر وتحاول إبقاء علاقات طيبة مع ليبيا أيام معمر القذافي، بينما كانت علاقاتها مع تونس هادئة. وكان كلما وقع انقلاب عسكري في موريتانيا أو حتى تعديل وزاري يتم الإشارة الى دور جزائري أو دور مغربي-فرنسي.
الحد من النفوذ المغربي والجزائري
ومنذ وصول محمد عبد العزيز الى الحكم عبر انقلاب عسكري سنة 2008، حاول وضع حد لسياسة الرهان على المغرب أو على الجزائر أو الاستمرار في الاعتماد على فرنسا في الكثير من القضايا الدولية.
ودشن سياسته غير الودية نحو المغرب سنة 2011 بطرد مراسل وكالة المغرب العربي للأنباء ثم سحب السفير الموريتاني من الرباط في السنة نفسها. ولم يكتفي بهذا بل قام تدريجيا بتقليص التمثيلية الدبلوماسية الموريتانية في الرباط الى أدنى مستوى. وتسرد الصحافة الموريتانية المقربة من السلطة مجموعة من الأمثلة تعتبرها تبريرا لهذا القرار، ومنها اعتقاد نواكشوط محاولة المغرب التأثير على القرارات الاقتصادية والسياسية والأمنية لموريتانيا واحتضانه مجموعة من المعارضين الموريتانيين. ومن هؤلاء رجل أعمال اسمه الإمام الشافعي منحته الرباط الجنسية المغربية رغم أن نواكشوط أصدرت في حقه مذكرة اعتقال دولية لأنه اتهم الرئيس ولد عبد العزيز بالاتجار في المخدرات.
في الوقت ذاته، قام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمحاولة الحد من النفوذ الجزائري في موريتانيا، ووصل الأمر الى طرد دبلوماسي جزائري خلال أبريل 2015 بحجة محاولة التدخل في الشؤون الموريتانية. وكانت هذه أول مرة تقدم فيها نواكشوط على طرد دبلوماسي وخاصة لدولة تقدم نفسها زعيمة المغرب العربي-الأمازيغي. وكان الدبلوماسي الجزائري بلقاسم الشرواطي، وشغل منصب المستشار الأول في السفارة، قد سرب خبرا الى الصحافة الموريتانية مفاده تقديم نواكشوط لشكاية الى الأمم المتحدة تتهم المغرب بمحاولة إغراق بلادها بالمخدرات. كما قلصت موريتانيا من علاقاتها الأمنية مع الجزائر.
وعمل ولد عبد العزيز على تقليص نفوذ فرنسا بعدما تزعم نائب فرنسي وهو نويل مامير اتهامات ضد رئيس موريتانيا بأنه يشرف على عصابة كبيرة لتهريب المخدرات. وكان مصطفى الإمام الشافعي الذي يعيش في المغرب من الذين أكدوا هذه الاتهامات. وفي المقابل، حاولت نواكشوط الرفع من مستوى العلاقات الاقتصادية مع اسبانيا وألمانيا لتحويلها الى شريك اقتصادي شبه بديل فرنسا.
رئاسة الاتحاد الإفريقي ودول الساحل
وفي الوقت الذي كان يقلص من نفوذ المغرب والجزائر في موريتانيا، أقدم على مبادرات ومنها سعيه الى رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال يناير 2014، وعمليا أصبح رئيس الاتحاد. وخلال رئاسته، قام الاتحاد الإفريقي بإنشاء منصب المبعوث الخاص للاتحاد في نزاع الصحراء وهو خواكين شيصانو. ووجد ولد عبد العزيز في ملف الصحراء الفرصة للرد على ما كان يعتبره إساءة مغربية له، حيث رفع من مستوى العلاقات مع جبهة البوليساريو.
ولكي يقوم بتهميش المغرب والجزائر معا، أسس خلال فبراير 2014 مجموعة دول الساحل، فإضافة الى موريتانيا هناك مالي والنيجر وبروكينا فاسو وتشاد. ورفض حضور المغرب والسينغال والجزائر ولو كملاحظين بينما استدعى دول مثل اسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وكان إعلان تأسيس هذه المجموعة هو بمثابة إعلان لخروجه من اتحاد المغرب العربي.
مصالحة مع الجزائر وأزمة مع المغرب
وخلال الشهور الأخيرة، شهدت العلاقات الموريتانية-الجزائرية مصالحة من خلال تبادل الزيارات والتنسيق في الاتحاد الإفريقي والاتفاق خلال ديسمبر 2016 على فتح طريق بري للتبادل التجاري بين البلدين.
وفي المقابل، شهدت العلاقات بين نواكشوط والرباط تدهورا خطيرا من أبرز عناوينه سماح موريتانيا لقوات البوليساريو الوصول الى الأطلسي والتمركز في الكركرات قبالة القوات المغربية ونفي أي اتفاق مع الرباط بشأن ما قالته الأخيرة حول تعبيد طريق الكركرات.
وفاقمت تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط باعتبار موريتانيا أراض مغربية في الماضي من الأزمة، رغم أن نواكشوط لم تتقدم بأي احتجاج رسمي للرباط بل كانت هناك احتجاجات حزبية. وخوفا من تداعيات الأزمة وتأثيرها على طلب المغرب للانضمام الى الاتحاد الإفريقي، قامت الرباط بإرسال رئيس الحكومة ابن كيران يوم 27 ديسمبر 2016 الى نواكشوط للتباحث مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز لإنهاء الأزمة.
ووسط كل هذه التطورات، رسمت موريتانيا مسافة سياسية اتجاه كل من المغرب والجزائر لأنها رفضت أن تبقى مجرور به في السياسة الإقليمية لهذا الطرف أو ذاك.
المصدر: ألف بوست
التعليقات