$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

البريكسيت وفوز ترامب بدء نهاية هيمنة «استبلشمنت» الشركات على القرارات السياسية - د.حسين مجدوبي*

كل شيء بدأ خلال مايو 2005، شهدت هولندا وفرنسا استفتاء على الدستور الأوروبي وكانت النتيجة هي الرفض بفارق كبير على نعم.  شعرت الطبقة الس...

كل شيء بدأ خلال مايو 2005، شهدت هولندا وفرنسا استفتاء على الدستور الأوروبي وكانت النتيجة هي الرفض بفارق كبير على نعم. 
شعرت الطبقة السياسية والمالية في الغرب وخاصة في أوروبا بخطر الديمقراطية التشاركية، وبدل أن تولي الحكومات المنتخبة الاهتمام بهذا المستجد استمرت في مخططاتها وسقطت في يد «الإستبلشمنت» الجديد، الأمر الذي نتج عنه ظهور قوى سياسية جديدة تحاول الارتباط أكثر بهموم شعوبها وإن كان بشكل عنيف سياسيا مثل، الحركات القومية المتطرفة. وآخر هذه الحلقات التي تشكل منعطفا دالا هي وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة يوم 8 نوفمبر 2016.
ومنذ ثلاثة عقود تعيش الديمقراطية التمثيلية المجسدة في انتخاب أشخاص لتمثيل الناس في هيئات مثل البرلمان أزمة حقيقية، وهو ما دفع بعدد من السياسيين والمفكرين إلى الرهان على الديمقراطية التشاركية، وهي إشراك المواطنين في نقاش القضايا المحلية والوطنية تكون مكملا للهيئات المنتخبة في اتخاذ القرار. وكان قرار أوروبا باعتماد الديمقراطية التشاركية سنة 2004، وهو ما يفسر الرهان على الاستفتاء للتصويت على الدستور الأوروبي ابتداء من سنة 2005. وحملت النتائج خيبة أمل لمهندسي السياسية الأوروبية، رفض الشعب الهولندي الاستفتاء، ثم الفرنسي خلال مايو 2005 والدنماركي خلال يونيو من السنة نفسها. 
وكان رفض الفرنسيين قاسيا لأنهم يعتبرون من ركائز الوحدة الأوروبية والدولة المؤسسة للاتحاد رفقة المانيا في الخمسينيات. وكانت المؤشرات تتجه إلى رفض ألماني في حالة إجراء الاستفتاء، وشكلت إسبانيا الحالة الاستثنائية بتصويتها على الدستور. وكان الحل هو وقف الاستفتاء واعتباره غير ملزم والمناورة عبر قوانين مختلفة لتبني اتفاقيات أوروبية وأساسا عبر البرلمان الأوروبي والحكومات الوطنية. وجاء الضغط أساسا من «الاستبلشمنت» الجديد الذي يسيطر على المال والأعمال ويلوث السياسة من خلال اللوبيات الطفيلية، وهو الذي ظهر مع فترة حكم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير، إبان انتعاش العولمة.
و»الاستبلشمنت» هو الهياكل العميقة للإدارة التي تكون عماد الدولة خاصة إبان الأزمات وخلال فترات الانتقال، حيث يتولى موظفون من مختلف الوزارات والمجالس تأمين سير البلاد وحمايتها من أي انفلات. لكن هذا «الاستبلشمنت» بدأ منذ العولمة يتعرض لاختراق ذكي من طرف الشركات الكبرى والمؤسسات المالية الدولية. فقد تسرب أعضاء الشركات إلى الأحزاب ومنها إلى الحكومات والبرلمانات والاتحادات القارية، وأساسا الاتحاد الأوروبي. وانتهى المطاف بالسيطرة على الإعلام عبر الإشهار أو شراء أسهم في كبريات وسائل الإعلام، الأمر الذي جعل استقلاليتها تضمحل تدريجيا، بل نجح في التسرب إلى المعاهد الأكاديمية لاستصدار دراسات لصالح شركات معينة. وبهذا كان بعض الخبراء محقين عندما قالوا بمصادرة إرادة الشعوب لصالح الشركات بسبب هيمنة الأخيرة على الحكومات المنتخبة ديمقراطيا.
ومن ضمن أبرز الأمثلة التي نعيشها في الوقت الراهن، تتفاوض المفوضية الأوروبية مع الحكومة الأمريكية حول اتفاقية التجارة الحرة، التي ستكون الأضخم في التاريخ. ويعرب غالبية الأوروبيين رفضهم لهذه الاتفاقية لأنها ستكون وبالا عليهم، كما يرفض الأمريكيون هذه الاتفاقية، وهو ما تجلى في أطروحة المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، الذي انهزم أمام كلينتون في الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطي، والرفض المعلن بقوة من طرف المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي فاز برئاسة الولايات المتحدة الثلاثاء 8 نوفمبر 2016. لكنه رغم هذا الرفض، ضربت المفوضية الأوروبية بتنسيق مع الحكومات عرض الحائط بموقف الأوروبيين واستمرت في المفاوضات، وهو ما فعلت إدارة باراك أوباما، وكانت ستسير في الطريق نفسه هيلاري كلينتون مرشحة «وول ستريت»، كما يصفها المراقبون المستقلون في واشنطن ونيويورك. وهكذا، خلال السنوات الأخيرة، تؤثر هيئات مالية وبورصات عالمية بشكل فعّال في قرارات الحكومات والبرلمانات بشكل مباشر أو غير مباشر عبر طبقة سياسة وإعلام ومراكز تفكير استراتيجي.
وبالموازاة مع ارتفاع نفوذها، بدأ يحدث طلاق بين الرأي العام والهيئات السياسية التي تمثله، لكن هذا النفور تحول إلى رد فعل من خلال اعتناق طروحات سياسية جديدة لحركات سياسية توصف باليمين المتطرف (وهي في العمق حركات قومية راديكالية) وباليسار الراديكالي. وظهرت أحزاب جديدة في أوروبا يسارية راديكالية مثل «بوديموس» في إسبانيا وأخرى يمينية قومية متطرفة، بعضها انتعشت مثل الجبهة الوطنية في فرنسا، وأخرى تحاول العودة إلى جذورها وخطابها الحقيقي المرتبط بالشعب مثل حزب العمال البريطاني مع جريمي كوربين. كما شهدت الولايات المتحدة انتعاشا لليسار وسط الحزب الديمقراطي مع بيرني ساندرز وفي اليمين القومي المحافظ مع دونالد ترامب، حيث كانت دراسات نشرتها مجلة «ذي أتلنتيك» تؤكد أن أكثر من 82% من الأمريكيين يفضلون رئيسا من خارج دائرة «الإستبلشمنت» الجديد. 
ولعل المعطى الذي لم يلمسه إلا القليلون هو انتفاضة «الإستبلشمنت» القديم المكون من أطر دبلوماسية وقضائية وعسكرية واستخباراتية للدفاع عن المصالح الكبرى للبلاد. وتجلى هذا نسبيا في البريكسيت وأساسا في الانتخابات الأمريكية، حيث طالب هذا الجناح بسياسة للحد من هيمنة الشركات المالية ومواجهة الصين والتقليل من الهجرة. ومن أكبر عناوين هزيمة «الإستبلشمنت» الجديد، انتصار البريكسيت وانتصار دونالد ترامب وبدء انفجار فضائح مالية وسياسية ومحاكمات تهم جيل بيل كلينتون وتوني بلير في الغرب، وهذا فصل آخر مهم للغاية.
وإعلاميا، وأمام سيطرة مجموعة من المحللين «المزيفين» الذين يسمون أنفسهم خبراء، لجأ الناس الى شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الرقمية الجديدة الأكثر ارتباطا بهموم الناس. ويبقى السؤال، لماذا كانت أخبار بعض المحللين في شبكات التواصل أكثر دقة من وسائل إعلامية عالمية مثل «نيويورك تايمز» و»ذي إيكونوميست»؟
في جداره في الفيسبوك، كتب منذ أيام المخرج الشهير والمثير للجدل مايكل مور الذي كان من القلائل الذي تكهن بفوز ترامب «لا تأخذوا بعين الاعتبار رأي المحللين والمعلقين واستطلاعات الرأي الذين نفوا سماع وقول ما كان يجري في أرض الواقع».
*كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6528,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,170,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,7,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,989,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,299,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,15,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,762,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1307,تقرير صحفي,75,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,389,حزب الله,10,حماس,2,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,375,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,18,سوشال ميديا,15,سياحة,2,سينما,29,شؤون ثقافية,447,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,911,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,1,علوم و تكنولوجيا,315,عناوين الصحف,322,غزة,83,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,608,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1931,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1254,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,8,مغاربي,1046,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: البريكسيت وفوز ترامب بدء نهاية هيمنة «استبلشمنت» الشركات على القرارات السياسية - د.حسين مجدوبي*
البريكسيت وفوز ترامب بدء نهاية هيمنة «استبلشمنت» الشركات على القرارات السياسية - د.حسين مجدوبي*
https://3.bp.blogspot.com/-RmbxBLAccMw/WCpaX8zl5xI/AAAAAAAAjS4/nydVpDVk6cwRtuSO1XbSUkl9WBHMBS46ACLcB/s640/24qpt479_converted.jpg
https://3.bp.blogspot.com/-RmbxBLAccMw/WCpaX8zl5xI/AAAAAAAAjS4/nydVpDVk6cwRtuSO1XbSUkl9WBHMBS46ACLcB/s72-c/24qpt479_converted.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2016/11/blog-post_963.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2016/11/blog-post_963.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية