خرج للقاعات السينمائية يوم 28 اكتوبر الماضي لمشاهدة الفيلم باللغة الفرنسية الرابط اسفل المقال المخرج الأسباني روجيه غوال في فيلمه ف...
خرج للقاعات السينمائية يوم 28 اكتوبر الماضي
لمشاهدة الفيلم باللغة الفرنسية الرابط اسفل المقال
المخرج الأسباني روجيه غوال في فيلمه فيلم “سبع سنوات” يكشف لنا أمراض المجتمع البرجوازي الإسباني ، ويتحسس بذكاء قضايا مرعبة مثل الأنانية التجارية وهيمنة من بيده السلطة والخيانات.
أربعة شركاء يجدون أنفسم يتعاقدون مع وسيط عند شعورهم بقرب التحقيق معهم بسبب مخالفات وغش وتهرب ضريبي وغسيل أموال، في جلسة مصارحة ومفاوضات معقدة يجب أن يتطوع أحدهم لتحمل المسؤولية كاملة ويتحمل قضاء سبع سنوات في السجن، فمن سيضحي بسبع سنوات من عمره في السجن وكيف ستكون المفاوضات ما الذي سيحدث في هذه الليلة العصيبة؟
يكشف لنا هذا الفيلم أمراض المجتمع الإسباني وعلاته بهذه النماذج ويتحسس بذكاء قضايا مرعبة مثل الأنانية التجارية وهيمنة من بيده السلطة والخيانات، كل هذا نستكشفه في هذه الجلسة الطويلة والنقاشات التي تدور بين الخيانة والولاء والأسرار.
هذا الوسيط ( مانويل مورون)، ليس الملاك المنقذ حتى لا تغرق السفينة بالشركاء، بل هو الملاك المهلك الذي يجعلهم يفضحون أنفسهم ويكشفون الوجه الخفي لشخصياتهم، هؤلاء الأربعة تجمعهم شراكة تجارية وصداقة ولكن يكتشفون زيف هذه المودة فكل واحد يخدع الآخر ويكن له الكره والعداوة ويرى نفسه صاحب الفضل في نجاح شركتهم والأرباح الطائلة لذلك يرفض التضحية ويريد النجاة.
نجح المخرج في خلق هذا العالم والإمساك بنا لنتورط معه في هذه الجلسة المغلقة، بالتدريج تبدأ الشخصيات نزع الأقنعة الزائفة وعبر صراعات تتكشف الفضائح وتترنح الشخصيات، تبدو خائفة ومضطربة ولا تعترف بسلبياته أو تبدي ندمها، ما يهمها أن يتم اختيار شخص واحد يذهب إلى المحقق ليتحمل الذنب ويخلص الآخرين.
التمثيل لعب دورا مهما وبذل كل ممثل جهده فالكاميرا تحاصرهم والمكان محدود للغاية، لكننا لسنا على خشبة المسرح، هنالك كاميرا ذكية ترصد تعابير الوجه ورعشة الروح.
تدمير خزانة كنز الصداقة والثقة بشكل تدريجي نقطة قوية تحسب للفيلم، وكذلك دقة الحجج والتبريرات المختلفة للتخلص من الذنب، فلا يوجد المذنب المثالي ولا رغبة للتطهر، الطرق على هذه العناصر منحت الفيلم ميزة خاصة، فالمذنب يتجه ليتحدث عن المجتمع وما فيه من عيوب ويدافع عن أخطائه بمهاجمة الآخرين وفضحهم.
نعيش مناخات تقترب من عالم لويس بونويل الذي كرس أفلامه لفضح وتعرية الطبقة البرجوازية وفضح قبحها وبشاعتها ولكن بطبيعة الحال كان بونويل قويا في طرحه الصادم والمزلزل منذ اللقطة الأولى وحفر في ذاكرتنا مشاهد لا تنسى وكان يتهكم بشجاعة محارب ولا يهادن هذه الطبقة فعلى سبيل المثال في فيلم “فرديانا” حيث يغتصبها عمها البرجوازي العجوز، فتتحول من مؤمنة إلى كافرة.
نحن فيلم سبع سنوات للمخرج الأسباني روجيه غوال مع أربع شخصيات مختلفة في طبائعها ويمنحنا الفيلم للتعرف والنبش في دواخلها وجعلها تصرخ وتتصارع، هذه الشخصيات هي فيرونيكا (خوانا أكوستا) هي المرأة الوحيدة في المجموعة وترفض السجن كونها أمرأة لتكشف أنه يوجد ثلاثة سجون فقط في أسبانيا وهي مكتظة بالسجينات وساعة واحدة بالسجن يساوي دهرا طويلا في الجحيم وهي تحلم أن تكون أم والسجن سيحرمها من هذا، ثم مارسيل(أليكس بريندمول) والذي يتهرب من التضحية بحاجة أن له أسرة وبنتا في السابعة من عمرها وسبع سنوات من السجن سيحرمه منها، كارلوس (خوان پابلو رابا) الذي يتحجج بوالده العجوز المريض ولويس (باكو ليون) الذي تتجه الأنظار إليه ويبدو متوترا ومعارضا لهيمنة مارسيل الذي يدير هذه الشركة ويقبل لويس بالسجن مقابل30 مليون يورو.
يتجاوز الفيلم الحكاية ليبحر في موج عاصف من الفضائح المرعبة فمثلا تكتشف فيرونيكا أن مارسيل كان يستغلها كمتعة جنسية ويرى أنها لا تصلح زوجة، كما نكتشف أن كارلوس لم يزر والده المريض ولا يعرف اسم ممرضته، لكل واحد منهم جرائمه ولكن ساعة المصارحة يكون الرفض والتهرب من العقاب، كما نكتشف فداحة الزيف والخداع والأقنعة المزيفة في علاقاتهم ببعضهم، هذا النقاش مساحة تحولات أشبه بصراع الثيران المجنونة ولحسن الحظ يقف الوسيط ليقود بمهارة معركة الفضائح النتنة وهو لا يقبل العنف الجسد وعمل بعدة أساليب لنتمكن من كشف هذا القبح، كما يلعب الزمن دوره في رفع وتنشيط الإيقاع حيث تعلم المجموعة أن الشرطة قد تداهم مقرهم في أي لحظة وعليهم سرعة الاختيار وتكون النهاية رائعة، في اللحظات الأخيرة يعلم هؤلاء أنه تم غلق ملفات الفساد والتصالح مع جهات التحقيق وتسوية الأخطاء بالتصالح مع قاضي التحقيق ويمكنهم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
لمشاهدة الفيلم باللغة الفرنسية من هنا
حميد عقبي
سينمائي يمني مقيم في فرنسا
التعليقات