في البداية أتقدم باسمي واسم جميع الأحرار بأحر التعازي لعائلة الفقيد محسن فيكري، الذي نحسبه شهيدا ولا نزكي على الله أحدا. فمن مات دون مال...
في البداية أتقدم باسمي واسم جميع الأحرار بأحر التعازي لعائلة الفقيد محسن فيكري، الذي نحسبه شهيدا ولا نزكي على الله أحدا. فمن مات دون ماله فهو شهيد كما في الحديث الشريف...وبعد
إنها كلمة مانعة جامعة، ثقافة الطحن والطواحين التي تلخص عقلية المخزن الذي يأبى أن يتعلم، يأبى أن يتغير، يقاوم كل صنوف الدهر ويطحن البلاد والعباد، تاريخ من الحجر والظلم والقهر.. ولكن إلى متى؟.. فلا بـــد لليــــل أن ينجلـــي ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر.
في قصة يرويها "نعوم تشومسكي " في مقدمة كتاب قراصنة وأباطرة تلخص قصة ومحسن ومي فاتيحة وكل المطحونين في بلاد المغرب الأقصى .
يروى تشومسكي قصة قرصان وقع فى أسر الإسكندر الأكبر، الذي صرخ في وجهه وسأله، كيف تجرؤ على إزعاج البحر؟، "كيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره؟ ، فأجاب القرصان: " ولأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة فحسب، أسمى لصاً وقرصانا، وأنت الذي تفعل ذلك بأسطول ضخم، تسمى امبراطوراً ."
قصة تلخص كل الواقع في بلاد المغرب الأقصى.. فمحسن كان بائع سمك بصناديق معدودة لهذا سيطبق عليه القانون، ويحاكم وتحجز صناديقه بدافع القانون، بينما الذين يفعلون نفس الشيء بالأساطيل الكبيرة ويجنون ملايير الدولارات من أموال المطحونين سيكون هذا أمرا جدير بجعلهم فوق القانون ممدوحين بأفضل الأوصاف.
لم يكن محسن موظفا شبحا، لم يكن مغنيا ولا مقدم برنامج مخنثا تصرف عليه الملايين، يعيش فوق القانون وتحرك كل دواليب الدولة والسفارة لتحريره من جنحه.
لم يكن محسن برلمانيا نواما يتمتع بالحصانة يستنزف الملايير من أموال المطحونين، لم يكن وكيلا للملك ولا عاملا ولا واليا ولا رئيس جهة ولكنه كان بائع سمك شريف .
لم يكن محسن مستغلا للنفوذ مستفيدا من ملايين الهكتارات من أراضي المطحونين ولا كبيرا من الأكابر المستغلين لمقالع الرمال..لقد كان محسن واحدا من شباب في أرض نصفها في المهجر ونصفها تحت القهر، شعب الريف الأبي حيث تقع أقل نسبة لتوفير فرص الشغل.
في دولة المطحونين حيث ميزانية البلاط أضعاف مضاعفة لوزارة العدل والحريات، سننتظر عدل السماء وسنن النهايات كما في كل البدايات والنهايات...في دولة الطحن التي لم تسمع ولن تسمع أن ناهبا للمال العام أو ظالما من علية القوم تم القبض عليه ولا محاكمته، ولكن ستكون مضطرا دائما مضطرا لتسمع أنين المطحونين والمقهورين الذين يحاكمون أو يموتون تحت مزاج القانون والرشاوى والفساد.. ولكن إلى متى ؟
لم يكن محسن مضرا لرمي نفسه شهيدا للمطحونين لو كان يعلم أننا في بلاد الحق والقانون والقصاص حيث يقول الله تعالى : "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون".
يسمى الله نفسه بـ : الحق . وسمى الله القصاص حياة .. وحين ينتهي القانون تنتهي الحياة وهذا ما وقع بالضبط للسي محسن فكري الذي مات دون ماله .
والإنسان أمله في الحياة أمله في القانون، وحين يفقد الإنسان ثقته في القانون الذي يوضع لتحقيق العدل بين الناس في الأرض فإنه يصاب بنوع من اليأس يكون مضطرا لتفريغ نفسه في زمن قياسي مما كان ومما سيكون، إنه يقتل في نفسه شعلة الأمل الذي هو وقود الحياة فيرحل سريعا إلى الله ... ينتهي في زمن قياسي يشتكي إلى الله كما يرحل كل الأحرار في صمت جاهرين بالشكوى...
الشكوى لله وإنا لله وإنا إليه راجعون .
التعليقات