$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

من المغرب إلى الأردن.. ميزاج عام "إسلامي" - علي أنوزلا*

كتبت مقالا حول العودة القوية للإسلاميين من خلال ما أبانت عنه نتائج الانتخابات التي عرفها المغرب في شهر أكتوبر الجاري، وقبل ذلك انتخابات ...

كتبت مقالا حول العودة القوية للإسلاميين من خلال ما أبانت عنه نتائج الانتخابات التي عرفها المغرب في شهر أكتوبر الجاري، وقبل ذلك انتخابات الأردن التي جرت شهر سبتمبر الماضي. فقد تصدر الإسلاميون المغاربة نتائج تلك الانتخابات بفارق كبير عن جميع منافسيهم من الأحزاب اليسارية بحصولهم على أكثر من 31 في المائة من مقاعد برلمان بلادهم. وفي الأردن حقق الإسلاميون تقدما ملحوظا بحصولهم على أكثر من 20 في المائة من مقاعد البرلمان وأصبحوا القوة المعارضة الأولى  داخله.

هذه معطيات رقمية لا يمكن لأي أحد أن يجادل فيها، وقد أفرزتها "صناديق اقتراع" تقع تحت وصاية سلطات أنظمة، سواء في المغرب أو الأردن، لا تثق في الإسلاميين. وهذا ما يعطي لهذه الأرقام مصداقيتها. ولو أن الانتخابات كانت أكثر ديمقراطية وشفافية ونزاهة في هاذين البلدين، ولو سمح لباقي الإسلاميين المشاركة فيها، خاصة بالنسبة للحالة المغربية حيث يٌمنع أو يقاطِع إسلاميون آخرون اللعبة السياسية، لعكست نتائجها اكتساحا كبيرا للتيار الإسلامي بصفة عامة
  
لكن المقال أثار جدلا بين من تفاعلوا معه، وهذا من حقهم، وهناك من رأوا فيه نوعا من التسرع في الحكم، وقد يكون أصحاب هذا الرأي أكثر صوابا مني، لكن نحن أمام واقع لا يرتفع، الإسلاميون داخله يتقدمون يوما عن يوم. فهم أكثر براغماتية من الكثير من الأحزاب اليسارية لأنهم في علاقتهم مع سلطات بلدانهم القائمة، وهي غير ديمقراطية، عملوا بمقولة الغزالي "ليس في الإمكان أبدع مما كان"، فقبلوا شروط اللعبة وعرفوا كيف يستفيدون من الفرص التي تتاح لهم لتوطيد وجودهم وتكريس تقدمهم.    

وكما في المغرب والأردن، فالكل يعرف أن من يحكم في النهاية هو القصر، لكن هذا لا يجب أن يخفي عنا حقيقة جلية، وهي أن المزاج العام في الشارع المغربي والأردني أصبح يميل لصالح الإسلاميين. فالانتخابات في الدول غير الديمقراطية عندما تتوفر لها أدنى شروط النزاهة، وحتى إذا لم تصل إلى حد التعبير عن إرادة الشعب، فهي تعكس مزاجه العام. وهذا ما عكسته الانتخابات التي شهدها المغرب والأردن في الفترة الأخيرة.

الكل يعرف أن الانتخابات في المغرب كما في الأردن ليست ديمقراطية، فهي وضعت حتى لا تعكس الإرادة الحقيقية للشعب، ولن توصل من فاز فيها، سواء كانوا إسلاميين أم غير إسلاميين، إلى ممارسة السلطة الحقيقية التي تبقى في كلا البلدين حكرا على القصر. ومما لاشك فيه أن هذه الانتخابات لا تستجيب إلى المعايير الديمقراطية المتعارف عليها عالميا، لكنها، شئنا أم أبينا، عكست لنا مزاجا عاما داخل هاتين الدولتين، بغض النظر عن طبيعة أنظمتهما هل هي ديمقراطية أم لا، وهو المزاج العام السائد والغالب الذي يعكس طبيعة مجتمعات محافظة، حضور العامل الديني فيها مازال قويا ومؤثرا.

إننا أمام "موضة" الإسلاميين، وعلى الديمقراطيين أن يقبلوا هذا الواقع بروح ديمقراطية، وينافسوا داخله بروح ديمقراطية أيضا، فلا يكفي أن نقول بأن الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية وبالتالي فهم لا يستحقونها. هذا منطق الإقصاء والاستئصال، وهو نفس المنطق الذي سقط فيه يساريون وليبراليون وعلمانيون في مصر عندما اصطفوا وراء العسكر لمواجهة خصومهم الإسلاميين، والنتيجة يراها الجميع اليوم. خسِرت مصر ديمقراطيتها الفتية وفقَد يساريوها وليبراليوها وعلمانيوها الكثير من مصداقيتهم داخل الشارع المصري. ولو كُتب لمصر أن تشهد اليوم انتخابات حرة ونزيهة لفاز فيها الإسلاميون بدون منازع.

ما حصل عليه الإسلاميون من نتائج في المغرب كما في الأردن، هو  نتاج استغلال للعامل الديني في الدعاية والترويج لفكرهم، لكنه أيضا نتاج عمل دءوب دام عدة سنوات، ساهمت فيه أنظمتهم السلطوية التي استعانت بهم طيلة عقود وشجعتهم وروجت لفكرهم في مناهجها التربوية الرسمية، لمواجهة خصومها السابقين من يساريين وقوميين وعلمانيين. والحل ليس في أن يسارع يساريون وعلمانيون وليبراليون، كما يحصل اليوم في المغرب، إلى وضع أنفسهم رهن إشارة سلطات بلدانهم المستبدة، لمواجهة خصم قديم وعنيد، وإنما ينبغي العمل من أجل توسيع باب المشاركة السياسية لتستوعب كل تعبيرات المجتمع المهمشة، والدفع بتحسين وتجويد قواعد اللعبة حتى تصبح ديمقراطية أكثر شفافية ونزاهة، ومضاعفة تمارين الفاعلين السياسيين على الممارسة الديمقراطية الميدانية، وإشاعة الثقافة الديمقراطية حتى تخترق البنيات المحافظة داخل المجتمع، لأنها وحدها الكفيلة بوضع حد للسلطوية وللحد من هيمنة الأغلبية كيفما كان لونها أو دينها.  

إننا أمام "موضة" الإسلاميين، وعلى الديمقراطيين أن يقبلوا هذا الواقع بروح ديمقراطية، وينافسوا داخله بروح ديمقراطية أيضا، فلا يكفي أن نقول بأن الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية وبالتالي فهم لا يستحقونها.

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6528,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,171,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,7,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,991,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,300,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,15,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,762,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1307,تقرير صحفي,75,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,389,حزب الله,11,حماس,3,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,376,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,18,سوشال ميديا,15,سياحة,2,سينما,29,شؤون ثقافية,448,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,911,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,2,علوم و تكنولوجيا,315,عناوين الصحف,322,غزة,86,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,612,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1932,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1254,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,8,مغاربي,1047,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: من المغرب إلى الأردن.. ميزاج عام "إسلامي" - علي أنوزلا*
من المغرب إلى الأردن.. ميزاج عام "إسلامي" - علي أنوزلا*
https://2.bp.blogspot.com/-76pu4qCIhL4/WAtc4NMit4I/AAAAAAAAiQ8/EfZiqODvXpcm6F7ghXI4WUpX3Gk_RMIQgCLcB/s640/Ali-Anouzla-800x478.jpg
https://2.bp.blogspot.com/-76pu4qCIhL4/WAtc4NMit4I/AAAAAAAAiQ8/EfZiqODvXpcm6F7ghXI4WUpX3Gk_RMIQgCLcB/s72-c/Ali-Anouzla-800x478.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2016/10/blog-post_729.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2016/10/blog-post_729.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية