النظام القائم في المغرب يُطوِّع المجتمع ليُنمِّطه على الطاعة والقناعة والوفاء إليه ... ويكسر كرامة الكائنات البشرية فيه . ليحوله الى ركا...
النظام القائم في المغرب يُطوِّع المجتمع ليُنمِّطه على الطاعة والقناعة والوفاء إليه ... ويكسر كرامة الكائنات البشرية فيه . ليحوله الى ركام من قطيع مهزوم نفسيٍّ ومن رعايا فاقدين لأية قدرة على الجهر بالمطالبة بالحق في تقرير مصيرهم السياسي و بالعدالة الاجتماعية أو بأي حق أساس آخر من الحقوق .
فمع طوطم النظام ؛ الأحزاب السياسية في المغرب حيدت خيار المقاومة والنضال من أجل بناء مجتمع المواطنين الأحرار . وعوضت عن ذلك بالبيعة والولاء والإجماع على '' السلم والاستقرار " ولو على حساب " البِــــــدُون حقوق " من المغاربة .
ووسط سوق البشرية هذا ، ينشر النظام القائم جناحية كالــــــديك . ويعتبر الكل من تحته مجرد " حبـــــة قمح " يفترسها متى وكيفما شاء .
إن الزوبعة السياسية التي أثارها بلاغ القصر الملكي انطلاقا من فنجان حزب التقدم والاشتراكية ليست عشوائية . بل هي ريَّاح محملة برسائل واضحة غير مشفرة . فهو من جهة قرص أذن " نبيـــــــل " ليُسمع جارته " نبيلــــــة " وغيرها ، ومن أخرى أراد تثبيت يافطة مكتوب عليها " خطر منطقة ملغومة ". وهي المنطقة التي يسيجها النظام القائم حول " تحكمه " بالأسلاك الشائكة ، ويُلغِّمها كي لا يقترب منها أحد . لتبقى في اعتقاده " منطقة آمنــــــة ".
وبهذا البلاغ يريد القصر أن يُلزم الكل بالتراجع أمام تِنِّين " التحكم " الذي يُلبسه عباءة الطهر والقداسة و يُحرِّم أي انتقــــــاد له . و يريد أن يحرر لنفسه ـــ من دون أي مزاحم ـــ كل الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
والزوبعة هاته حول " التحكم " تذكرنا بواقعة الزعيم الخالـــــــد لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل السيد " نبير الأموي " سنة 1992. لما طالب في عهد الدكتاتور "الحسن الثاني " ب" ملك يســــود ولا يحكم" وذلك في استجواب له مع جريدة " المواطن ". القصر توارى عن الواجهة آنذاك و لم يصدر بلاغا. بل عبر وزارة الداخلية تكلف بالرد والانتقام عمليا على هكذا '' جرأة زائدة " للزعيم . بحيث تم إيقاف الجريدة أولا . ومن بعد ذلك """ اجتمع وزير الداخلية '' إدريس البصري'' في منزلـــــــــــــــــه مع قادة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليدبــــــروا المكيدة للسيد " نبير الاموي" '""' *01 *. فطبخوا ملفا جاهزا خارج مطبخ القصر أي بملعب "حكومة عبد اللطيف الفيلالي". الأخيرة التي اتهمت الزعيم بسب وزرائها وقذفهم . في حوار كانت أجرته معه الجريدة الإسبانية "إلباييس" . وكان قد وصف فيه بعض الوزراء ب " الشفارة " .
من دون التطرق الى تفاصيل المحاكمة ،وكيف تعامل الزعيم مع الموقف من " التحكم " وهل كان ذلك مبدئيا أم مجرد مزايدة سياسية ؟؟.. وأيضا كيف كان رده على أبناء جلدته في الحزب الذين خذلوه .؟؟
أقول أن " التحكم " وزواج المال والسلطة هو غير شرعي و يتولد عنه مزيدا من الفساد و الاستبداد ويعرقل النماء ويحبط أي طموح نحو بناء مجتمع المواطنين الأحرار ..
ليبقى الرهان في مجتمعنا على بناء قوة سياسية مسلحة بالجرأة الكافية لمواجهة " التحكم " . و إجبار النظام القائم على الاقتناع بكون المجتمع المغربي لم يعد مجرد "حبــــــة قمح " .
*01 *: من شهادة لرئيس "الهيئة الوطنية لحماية المال العام في المغرب" السيد طارق السباعي .
التعليقات