الخفي في التصويت الضعيف - يزيد لبركة*

العياشة والحياحة والشناقة لم يكونوا ظاهرة وليدة اليوم بل كانت في الانتخابات منذ الستينات ولكنها كانت ضعيفة بالقياس إلى ما أصبحت عليه الي...

العياشة والحياحة والشناقة لم يكونوا ظاهرة وليدة اليوم بل كانت في الانتخابات منذ الستينات ولكنها كانت ضعيفة بالقياس إلى ما أصبحت عليه اليوم ، وعلى عكس ما يعتقد الناس أن الظاهرة ولدها المجتمع والفقر فإن السلطات هي التي خلقتها ، وهي التي كانت تشجع في البداية ذوي السوابق وذوي الحاجة على أن" يتعيشوا" . لكن في الستينات وحتى في السبعينات كانت السلطات تلجأ أيضا إلى خطف الصناديق أورمي الأوراق فيها أو تغيير الأرقام . لماذا ؟

1- لأن بعض الدوائر كانت ذات طابع غالب للطبقات المتوسطة وهي ليست في حاجة لا إلى الرشوة ولا ضغط للسلطة عليها ، فيما بعد عملت الداخلية على ردم هذا الطابع بأحياء ودواوير تؤتمر بتعليمات السلطات سواء في البادية أو المدن عن طريق سلسلة من التقطيعات للدوائر. 

2- في بعض الأحيان لا ينفع تصويت من يؤتمر بالتعايمات أمام ارتفاع عدد المصوتين إلى قياسات عالية لذا فإن نشر اليأس من العملية الانتخابية أو نشر ما ينفر الناس الواعين كان عاملا مهما للتقليص من دور الطبقات المتوسطة في التصويت والرفع من دور الذين يؤتمرون.

الآن ضاق مجال المناورة لما لم تعد السلطة تخطف الصناديق ولا تزور الأوراق ولا ترمي بطائق التصويت في الصندوق . ولذلك تم التفنن في مجالات أخرى بديلة . ومنها تقليص عدد المصوتين حتى لا يؤثروا بشكل كبير على الحجم المتحكم فيه.

لقد ارتفع عدد من يوجد رهن إشارة السلطات أكثر من أي وقت مضى وأصبح منظما ويضم كل من لهم مصلحة مادية مباشرة، منها مثلا كل من له ترخيصا بمصلحة ولا حق له فيها وكل من أنشأ جمعية لا تؤدي خدمة مجتمعية ظاهرة و لم تبن على معايير قانونية حقيقية. ويقدر كل هؤلاء على المستوى الوطني بما يتراوح بين مليونين و مليونين ونصف . وكل دائرة لها حصتها من هذه الظاهرة .ولكي يلعبوا دورهم لابد أن يكون عدد الأصوات المعبر عنها ضعيفا . 

مثال إذا كان في دائرة من 4 مقاعد برلمانية 120 ألف مسجل وصوت 70 ألف والغيت 10 آلاف صوت يكون العدد المعبر عنه 60 ألف .

شارك 10 أحزاب مثلا 6 لم يحصلوا على العتبة وهي 1800 صوت ولم يبق إذن إلا أربعة أحزاب .حصل الحزب الأول على 22 الف، المرشح المدلل 21 ألف صوت( العياشة 6000 مع عائلاتهم واستعمال الشكارة وغيرها 15 ألف) الحزب الثالث 7000 صوت الرابع 6500 صوت مجموع هذه الأصوات 56 ألف صوت. الستة أحزاب التي لم تصل العتبة حصلت مجتمعة على 4 آلاف صوت أي المجموع 60 ألف صوت. بقسمة 56 ألف على أربعة مقاعد نحصل على 14 ألف القاسم الانتخابي للحصول على مقعد واحد.

سيحصل الحزب الأول على مقعد واحد وبقي له 8500 صوت زائد سينافس بها للحصول على الثاني . المرشح المدلل مقعد واحد وبقي له 7000 صوت الثالث لم يصل القاسم الانتخابي لا شئ لكن بقي له 8500 صوت لم يخسرها الرابع لا شئ مثل الثالث لكن له 6500 صوت . لننظر الآن في الباقي لكل واحد : الأول له 8500 سيحصل على المقعد الثالث إذن حصل على مقعدين . المدلل لا يمكن أن يحصل على مقعد لأن المرشح الثالث عنده 8500 صوت وهوليس له إلا 7000 إذن المقعد من حق المرشح الثالث أما الرابع لا شئ لأن المقاعد انتهت. 

لكن إذا كان في دائرة ما بنفس المقاعد عدد الأصوات المعبر عنها 50 ألف صوت فقط في هذه الحالة نفس النسبة تقريبا تخسرها الأحزاب التي تعول على الوعي وعلى البرامج وعلى الروح الديمقراطية بينما تحافظ الأحزاب الأخرى على وضعها إلى حد كبير ولا تفقد إلا عددا ضئيلا من المصوتين الذين صوتوا في السابق عقابا للأحزاب الأولى.

فإذا فاز الحزب الأول ب 20 ألف صوت والحزب الثاني 19 الف صوت والثالث 5500صوت والرابع 3500 صوت يكون المجموع هو 48 ألف صوت. مجموع الأحزاب التي لم تصل العتبة حصلت على 2000 صوت . بقسمة 48 الف على أربعة مقاعد نحصل على القاسم هو 1200 صوت .

إذن الحزب الأول حصل على مقعد واحد وبقي له 8000 صوت. المدلل حصل على مقعد واحد وبقي له 7000 ألف. المرشح الثالث لا شئ الرابع لا شئ. نمر الآن إلى الباقي: المرشح الأول له مقعد لأنه هو المتوفر على أعلى البواقي يليه المرشح المدلل لأنه هو الثاني في البواقي وبذلك يحصل الأول على مقعدين والثاني مقعدين بسبب انخفاض كبير في حجم التصويت للأحزاب التي تعول على الوعي والروح افلديمقراطية الشئ الذي أدى إلى أن يكون الأعور ملكا في دوائر العميان .