بشّرنا أبو الأنوار الحداثي، فيما رواهُ من جليلِ الأراجيزِ والنُّكاتِ، أنه سيحُلُّ في آخر الأزمان بمنطقة درب السلطان، رجلٌ ولهان بِكُره ا...
بشّرنا أبو الأنوار الحداثي، فيما رواهُ من جليلِ الأراجيزِ والنُّكاتِ، أنه سيحُلُّ في آخر الأزمان بمنطقة درب السلطان، رجلٌ ولهان بِكُره الإخوان، وكل من نبتت في ذقنه زغبتان، اسمه ضاحي خلفان.
قال: ستعمُّ في إثره العقلانية، وسيقتات الناس من موائدهِ صنوفَ الفلسفة اليونانية، يمشون في مسيراته رافعين صور ابن رشد بلا رشد. هاتفين باسمه محدثين بنِعَمِهِ: “الحداثة ضاحي خلفان.. وولد زروال بالخرفان.. آش بغينا بشي بنكيران”.
سيُعيِّن مقدم دار بوعزة بوشعيب الهاروشي وزيرا للداخلية، والقاضي الهيني وزيرا للعدل والحرية، والشاب الذي قال: “جابنا أحيزون باش نجريو على بنكيران من الصحرا ديالنا” وزيرا للخارجية والقضية الوطنية.
والويل والثبور لكل يساري تحدث عن الإخوان، أو ليبرالي ذكر سيرة بنكيران. سيُتهم بإعمال التقية، وإضمار نوايا تخريبية. سيُطوَّفُ في الشوارع، ويُقال: هذا عدوُّ الأمة بلا منازع.
ولن تشفع لبنكيران أنه ذهب إلى السيسي وعبَّر عن إعجابه برونالدو وميسي، وأبدى وَلعاً بالرقص والألحان، وأنكر علاقته بالإخوان، وقبّل كتف الملك سلمان… فضاحي خلفان يكره بنكيران كرهَ صانعِ الأكفانِ للأكفان.
لذلك جاء من دُبي إلى درب السلطان، حانقا على الإسلاميين الأوغاد فنظم المسيرة دون عِلم حصّاد، بعد أن طاف أرجاء البلاد وأقنع المجتمع المدني بخطورة المشروع البنكيراني. ثم وقف على قبر الشهيد آيت الجيد، وقرأ على روحه الطاهرة ما تيسّر من الكلمة الممانعة، وقال كلمته التاريخية: “الخوانجية.. الخوانجية غير بيهم ولا بيّ”. نطقها بالدارجة وخلفه شيخة بالتعريجة، تُغني: “سير سير أ ضاحي خلفان.. لخيابت دابا تزيان”.
وانطلق باتجاه الدار البيضاء، وفي إثره الحافلات والجرّارات والشاحنات والكرويلات.. تهدر بصوت راعد وقلب واحد: لا نريد الخبز. لا نريد العمل. لا نريد التنمية. لا مشكل لنا مع صندوق التقاعد. لا تهمنا المقاصة. لا شأن لنا بحقوق الإنسان والديمقراطية. ولا استكمال الوحدة الترابية بأولوية. التعليم بخير. الصحة بعافية.
كل ما يزعجنا ويؤرق نومنا هي أخونة الدولة والمجتمع. فنحن في دواويرنا وأحيائنا القصديرية لا نعيش إلا بالعلمانية نتنفس الحرية الفردية. نعيش بــ”الكونكيبيناج”. نحتسي النبيذ الفرنسي مع “شكلاط العمارات”. نحيي سهرة السبت عرايا في شاطئ دار بوعزة فيما المقدم بوشعيب الهاروشي ينتظرنا بصبر وأناة أمام حافلات الساتيام، إلى أن ننتهي فيعيدنا إلى دواويرنا، آخذا بخواطرنا، متفهما نشاطنا.
فلماذا يتربص بنا بنكيران يا سيد ضاحي خلفان. لماذا يريد أن يحرمنا من نعمة العلمانية. لماذا يريد أن يستنبت في ذقوننا اللحى، لماذا يريد “تزييف” نسائنا. لكل هذا يا سيد خلفان يجب أن يرحل بنكيران قبل أن يرحل في 7 أكتوبر.
ونظر ضاحي خلفان متأثرا بشعارات المسيرة والمطالب الحداثية التي رفعها الأطفال والبؤساء غير بعيد من درب عُمر، فنزلت من عينيه الغارقتين خلف نظارتيه السميكتين دمعتان، وقال بصوت مبحوح أجشَّ: لأطارِدن بنكيران وصحبه كما طاردت مرسي وشعبه، ولأحولن المغرب إلى مصر وأستقدمن حزب النور إلى كل الدواوير والثغور. فالحداثة والوهابية صنوان، أما الديمقراطية فكذب وبهتان وبدعة من الشيطان.
* رئيس تحرير موقع (الأول)
التعليقات