$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

«فورين بوليسي»: لا يلومنَّ أردوغان إلا نفسه على الانقلاب

شهدت ليلة أمس ـ ربما ـ بعض أصعب اللحظات على «أردوغان»، طيلة الأعوام الثلاثة عشر الماضية، أي منذ أن أمسك بزمام الأمور في تركيا؛ محاولة ال...

شهدت ليلة أمس ـ ربما ـ بعض أصعب اللحظات على «أردوغان»، طيلة الأعوام الثلاثة عشر الماضية، أي منذ أن أمسك بزمام الأمور في تركيا؛ محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة ليست جديدة على تركيا، هو الانقلاب الخامس منذ عام 1960، لكنه الأول الذي ينتهي إلى هذا المصير بهذه السرعة. وعد أردوغان بإحداث تغيير في تركيا، بالتأكيد لم يقصد هذا النوع من التغيير، في تقرير لـ «فورين بوليسي» يحاول «مايكل روبين» تتبع الأسباب التي أدت إلى هذا الانقلاب، ومدى استقرار الحكم للدولة المنتخبة في تركيا.

عام 2002 فاز حزب العدالة والتنمية بـ 34% من أصوات الناخبين. الأعوام التي سبقت هذا الفوز، كانت تعج بفضائح الفساد والأزمات المصرفية، كما شهدت انخفاضًا كبيرًا لليرة أمام الدولار. لهذا قرر الناخبون الأتراك أن يجربوا حزبًا جديدًا؛ ليس لأنهم يدعمون بالضرورة نفس القناعات الدينية، والاجتماعية، والمحافظة التي يتبناها «حزب العدالة والتنمية»، بل لأنهم أرادوا تغييرًا. كان أردوغان قد اتهم بالتحريض الديني إبان فترة عمله كعمدة لإسطنبول، لم توقفه التهمة الملفقة عن خوض انتخابات أخرى وعد فيها ببداية نظيفة وعهد جديد.

طبقًا لـ «فورين بوليسي» فإن ثمة سببًا آخر ـ ربما وراء ما حققه حزب العدالة والتنمية، لقد كان محظوظًا. يبدو الأمر ساخرًا؛ فالسبب يعود لانقلاب آخر، ذاك الذي دبره الجيش عام 1980. حاول الجيش منع تشكيل برلمان منقسم متكون من أحزاب صغيرة قد تعيق الحكومة، لهذا شمل الدستور الجديد الذي وضعه الجيش بندًا يُحتم على الأحزاب الحصول على 10% من الأصوات، كحد أدنى لدخول البرلمان. كيف إذن استفاد حزب العدالة والتنمية من هذا البند؟ عام 2002 حصلت 5 أحزاب على ما بين 5% و 9% من أصوات الناخبين، طبقًا للدستور كان يجب أن تتم إعادة توزيع المقاعد التي حصلوا عليها. هكذا حصل العدالة والتنمية على ثلث الأصوات، لكنه حاز وزنًا قدره ثلثا البرلمان. نسبة أعطت الحزب صلاحيات واسعة، استغلها لتغيير القانون بما يسمح لأردوغان بتولي مناصب في الحكومة.

طفرة اقتصادية.. ومؤشرات مثيرة للقلق
بعد فترة من سيطرة الرجل على مقاليد الحكم لم يعد على الأتراك أن يصبحوا مليونيرات ليشتروا المثلجات؛ فقد تمكن أردوغان من حذف 6 أصفار من الليرة التركية. دعمت حكومته رجال الأعمال واستثماراتهم، لكنها اهتمت أيضًا أن تضمن توزيع الاستثمارات في جميع أنحاء تركيا، ما يعني أن مدنًا بعيدة وغير مشجعة للاستثمار حصلت على نصيبها من الرفاهية. كان رجال الأعمال قد اعتادوا على الاستثمار في الجزء الأوروبي من تركيا، لكن حكومة أردوغان وسعت النطاق، لتشمل استثمارات الدولة والقطاع الخاص منهًا، مثل «قونية وقيصري». هكذا أصبح الأتراك أغنياء ومرفهين، كما شعرت قطاعات واسعة من السكان، الذين اعتادوا على التجاهل، شعروا بأن أحدًا يهتم بهم أيضًا.

مع ذلك ثمة مؤشرات غير إيجابية؛ فارتفاع الدين لدى القطاع الخاص وصل إلى مستويات خيالية، وفقًا لمحللين اقتصاديين، مستويات يظن معظم الأتراك أن لا أمل في سداد فوائدها. نعم نسبة الدين إلى الناتج المحلي في تركيا تبلغ 33%، وهو رقم منخفض نسبيًا، لكن على الرغم من هذا الرقم، ومن الإحصاءات الرسمية المتفائلة المشابهة، فإن تزايد دين القطاع الخاص يجعل الأتراك يشعرون أكثر فأكثر بالقلق.

على أي حال، يرى الكاتب أن أردوغان محظوظًا حتى فيما يتعلق بالاقتصاد، مع تحسن مستويات المعيشة انخفضت معدلات المواليد وزادت الأعمار، وارتفعت أعداد السكان في سن العمل. ما حدث كان ازدهارًا مدويًا، تمامًا كالذي حدث لنمور شرق آسيا في العقود الأخيرة من القرن العشرين.

غطرسة دينية تدير ظهرها لإرث أتاتورك
«سوف أنشئ جيلًا متدينًا»، هكذا صرح أردوغان بعد أن أصبح حزبه يفوز بالانتخابات تلو الانتخابات. لم يعد يهتم أن يبدو رئيسًا للأتراك جميعًا، ولم تعد تعنيه العلمانية التي كانت عماد الدولة لمدة 90 عامًا، ولم يعد يرى ضرورة للاهتمام بآراء الليبراليين أو حتى تمثيلهم. الأفعال التي تدل على ذلك كثيرة، منها أنه لم يكتفِ بتصريحات ضد الإجهاض، لكنه اعتبر حتى العمليات القيصرية ضد مشيئة الله. ازدادت جرائم القتل ضد النساء بمعدل 1400%، لم يهتم بالبحث في أسباب هذا، لكنه طلب من النساء أن يبقين في منازلهن وينجبن 3 أطفال.

يرى الكاتب أن أردوغان لم يعد يهتم أيضًا أن يبدو حكمه ديمقراطيًا، متجاهلًا حقيقة أن الشعب اختاره بدافع العداء ضد الجيش. بدأت انتفاضة منتزه «جيزي» عام 2013 بمظاهرة صغيرة مناهضة لاقتلاع الأشجار ومدافعة عن البيئة، لكن الرد العنيف من الشرطة طور الأمر لما هو أكثر بكثير. بدا بعد أن حاول الرئيس التركي «عبد الله غول» أن يهدأ الأمور، بدا وأن أردوغان يحاول إشعال النيران عمدًا.

الغطرسة نفسها امتدت للصحافة، أصبح انتقاد بسيط يوقع في مشاكل قانونية حقيقة، طبقًا لـ «فورين بوليسي» تبين الأتراك أن التزام أردوغان بالإصلاح لم يكن حقيقيًا، وأنه لا يؤمن بالصحافة الحرة، بل يريدها صحافة يتم توجيهها. اليوم تمتلك تركيا أكبر عدد من الصحفيين في السجن بالنسبة لتعداد السكان في العالم.

انقلاب حتى على أصدقائه الذين أوصلوه للسلطة
وصلت عنجهية أردوغان إلى أصدقائه أيضًا. «فتح الله غولن» لاهوتي تركي يحض على التسامح والسلام، عانى مثل أردوغان من سلطة الجيش، وعمل مع أردوغان لفضح سيطرة الجيش على البلاد. بعد أن استتب الأمر لأردوغان، قرر أنه حان الوقت للتخلص من «غولن» وأتباعه، صادر أصولهم وأموالهم، وألقى القبض عليهم بتهم ملفقة ووصمهم بالإرهاب.

الأكراد لهم قصة مشابهة، لقد دعموه ورأوا فيه أملًا قد ينقذهم من مظالم عمرها عقود. كان أردوغان قد بدأ مفاوضات سرية مع «حزب العمال الكردستاني» المحظور وزعيمهم المسجون «عبد الله أوجلان». بعد الانتخابات لم تتحقق الوعود، فحاول الأكراد البحث عن أمل آخر، فصوتوا لـ«حزب الشعب الديمقراطي»، بدلًا من العدالة والتنمية؛ ما جعل أردوغان ينقلب عليهم منتقمًا، ليحول منطقة جنوب شرق تركيا إلى منطقة حرب  مثلما كانت عليه في ثمانينات القرن الماضي.

سياسة خارجية داعمة للإرهاب
انتهى وعد أردوغان «لا مشاكل مع الجيران» بتركيا تعاني من مشاكل مع كل جيرانها تقريبًا. يرى الكاتب أن هذا كان سببًا في انخفاض كبير في عائدات السياحة، البداية كانت من إحجام السياح الإسرائيليين، تبعهم الروس، ثم جاءت تفجيرات اسطنبول لتبعد الجميع تقريبًا عن شواطئ إسطنبول.

يرى «مايكل روبين» أن أردوغان لديه عداؤه الشخصي مع أكراد سوريا والنظام السوري، ما دفعه بالإضافة لقناعاته الطائفية للتفكير بدعم جبهة النصرة وحتى الدولة الإسلامية. بالطبع ارتدت تدخلاته الخارجية في صورة انفجارات وهجمات انتحارية على الأراضي التركية. ما أقنع العديد من الأتراك أن وعود الرجل بتحقيق الأمن والسلام كانت وهمًا.

انقلاب عسكري كحل أخير
ربما اعتقد أولئك الذين خططوا للانقلاب ضد أردوغان أن هذا خيارهم الوحيد المتبقي، وأنهم يحمون تركيا من حكم أيديولوجي تتزايد قوته باستمرار، بينما يستمر في عدم الوفاء بوعوده.  وعده بتحقيق السلام لم يكن الوحيد الذي أخلفه. لقد وعد الأتراك بتمثيلهم جميعًا، لكنه يعبر فقط عن فئة يعنيها من الشعب التركي. الفساد يستشري في الاقتصاد التركي والعملة غير مستقرة، هذا على الرغم من وعوده بإصلاح الأمر. سياساته العدائية عزلت تركيا وفصلتها عن الغرب وجلبت له الانفجارات في عقر داره.

حين يحيط قائد نفسه بالمتملقين ويقمع الصحافة الحرة فإنه يخاطر مخاطرة كبيرة؛ لأنه في الوقت ذاته يغلق نافذته الحقيقية على شعبه وعلى العالم. لهذا قد تفاجئه أحداث مثل هذه. الآن، وبعد أن تمكن إردوغان من قمع المحاولة الانقلابية، فإنه ربما سيصبح أكثر تشكيكًا وحذرًا، وسيرى المؤامرات في كل شيء، مما يعني المزيد من القمع لتركيا.
(ساسة بوست)

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6524,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,170,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,5,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,987,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,299,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,13,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,759,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1305,تقرير صحفي,75,تونس,90,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,388,حزب الله,9,حماس,1,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,374,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,15,سوشال ميديا,15,سياحة,1,سينما,29,شؤون ثقافية,446,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,910,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,1,علوم و تكنولوجيا,314,عناوين الصحف,322,غزة,81,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,604,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1929,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1253,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,7,مغاربي,1045,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: «فورين بوليسي»: لا يلومنَّ أردوغان إلا نفسه على الانقلاب
«فورين بوليسي»: لا يلومنَّ أردوغان إلا نفسه على الانقلاب
https://3.bp.blogspot.com/-f-gIbPNNxTE/V4u14NFJJyI/AAAAAAAAf90/SzMWmRAiNt4q6lk6spNp6WI4tmyWYX3XwCLcB/s640/Capture.PNG
https://3.bp.blogspot.com/-f-gIbPNNxTE/V4u14NFJJyI/AAAAAAAAf90/SzMWmRAiNt4q6lk6spNp6WI4tmyWYX3XwCLcB/s72-c/Capture.PNG
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2016/07/blog-post_92.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2016/07/blog-post_92.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية