سيعقد مجلس الأمن الدولي في 26 من يوليوز الجاري إجتماعا مغلقا لبحث تقرير يفترض أن يتقدم به الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إستجا...
سيعقد مجلس الأمن الدولي في 26 من يوليوز الجاري إجتماعا مغلقا لبحث تقرير يفترض أن يتقدم به الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إستجابة وتنفيذا لسابق قرار مجلس الأمن رقم 2285، الذي نص على عودة كل مكونات المينورسو لممارسة مهامها كاملة، و في ظرف لا يتعدى تسعون يوماً .
و قد سبق للمغرب تنفيذا لنفس القرار، أن تقدم بمقترح يعرض فيه قبوله بعودة 25 موظفا،لا تحفظ له عليهم، ودعى الأمانة العامة للأمم المتحدة إلى الدخول معه في مفاوضات تقنية بخصوص ما تبقى منه. غير أن العرض إعتبرته الأمم المتحدة في البداية غير كاف، وغير مطابق للقرار 2285 الذي ينص على العودة الكاملة، و في أجل تسعون وقبلت به أخيرا دون توضيحات تصدر من الجانبين أو أحدهما.
و تنتهي عمليا ميسرة ومهلة مجلس الأمن بانتهاء يوم 27 من هذا الشهر، حيث سيجد المغرب نفسه في وضع لا يحسد عليه، فهو ولئن توفق في الموائمة بين حدين متناقضين؛ طرد مكون مدني وسياسي للمينورسو، أعلنه رسميا بكونه سيادي ولا رجعة فيه، من جهة. و دعوة مجلس الأمن له بإرجاعها كاملاً،من جهة أخرى، و توصله معها إلى مخرج، عن طريق عرض العودة الجزئية، والدفع للقبول بها، والباقي على مراحل، وعبر التفاوض.
ذلك، أن هذه الصيغة هي الحل الوحيد، الذي لا يظهر المغرب متراجعًا أمام الرأي العام الداخلي، و لا منهزما أمام خصومه، الذين يرافعون لفكرة مفادها، أن المغرب يستهتر بالقرارات الأممية وعاص لها، وتحريض مجلس الأمن لعله يتخذ ضده إجراءات عقابية وجزائية لردعه.
ولأن مقتضيات قرار مجلس الأمن 2285 في فقرته الثالثة، وضعت تكليفاً على الأمين العام للأمم المتحدة، بإحاطته بمدى تنفيذ المغرب لقراره بالعودة في أجل أقصاه تسعون يوما. وهو إطار الإحاطة الحالية المقرر لها يوم 26 من هذا الشهر، والتي ستبقى تقنية، تبعا لما توصل إليه الطرفان، المغرب والأمم المتحدة من اتفاق ذو علاقة بموضوع العودة.
غير أن العبارة، التي تضمنها قرار مجلس الأمن، والتي تلت مباشرة الحديث عن تكليف مجلس الأمن للأمين العام بمراقبة فعل العودة، و أعرب فيها عن عزمه في حالة عدم أداء البعثة لكامل وظائفها، إتخاذه أفضل السبل لتيسير ذلك. هي عبارة تحمل أكثر من دلالة، و تثير أكثر من تساول؟
إذ أن المغرب ولئن أعتبر في حكم المدعو بمقتضى القرار بالسماح والقبول للبعثة بالعودة إلى العمل داخل أجل معين، ينتهي في 27 من الشهر الجاري. فإنه غير معني قانونيا بنتائج عمل تلك البعثة، لأنه غير مسؤل عنها، و لا تخضع له، وليست موضوعة تحت إشرافه وتوجيهاته.
و قد إعتقدنا بادئ الأمر وقوع خطأ في الترجمة من أصل القرار بالأنجليزية إلى العربية، وباقي اللغات. غير أننا تأكدنا بعد عودتنا، و مراجعتنا لنص العبارة ووجدناهما مطابقتين، “…if Minurdo has not achivef full functionality. To consider how best facilitate achivement of this goal.”
ويستنتج من ذلك أن التزام المغرب، حسب القرار 2285، يمتد إلى أبعد وأكثر من السماح بالعودة الكاملة للبعثة، إلى توفير ظروف عمل جيدة لحسن سير عملها وتواصلها، بكل حرية، و دون تقييد، و لا عرقلة.
و هذا هو المعنى الأقرب إلى التصور والتماثل، بالنظر إلى سابق توصيات الأمين العام بذلك في تقريره بتاريخ 19أبريل 2016، رقم 355، و تأكيد مجلس الأمن على مضمونها في قراره، بإعطائه الصيغة التنفيذية لتلك التوصيات، عن طريق توجيه أمر إلى طرفي النزاع، بإزالة العوائق والقيود، التي كانت تشتكي منها البعثة أثناء مزاولتها لعملها، وانجازها لاتصالاتها. ولو أنني أومن أن الأمر يوجه ذلك للمغرب وحيداً.
و من تم أركن تأييدا لفرضية وجود القصد والنية، وتوجيه مجلس الأمن لإرادته ، خدمة لهدف معين، ومحدد سلفا. وقد تكون بداية الغاية وضع معالم، و رسم للخريطة والطريق للإنتقال إلى مراحل متقدمة في الخطة، هي بدورها معلومة شكلا وموضوعا. وهذه الغايات تحتاج في الوصول إليها إلى خريطة مركبة و دقيقة، فعودة المينورسو خطوة ضرورية في الخطة لكنها ليس غاية فيها، بل وسيلة لتنفيذها للوصول إلى هدف كبير في ملف النزاع.
و هكذا، فاستعمال مجلس الأمن لتلك العبارة ليس إعتباطي و لا تعسفي، بل أُتخذ لتبرير فشل البعثة في تحقيق أهدافها، و الضغط على المغرب بنسبة المسؤولية في الإخفاق له، لعدم تركه في حل من تبعات ذلك. ولا يشفع له في نظر خطة القرار قبوله بالعودة، واستئناف جزء من مكونات المينورسو لعمله، ودخول الأمم المتحدة معه في مفاوضات بخصوص الباقي، بل يبقى دائما محل تساؤل في نتيجة عملها.
فالمهلة والميسرة تنتهي عمليا وبحساب التسعون يوما من تاريخ صدور القرار في 29 أبريل بتمام يوم 27 من شهر يوليوز الحالي، أي أن جدولة جلسة الإحاطة في 26 من هذا الشهرالشهر، سابق لانصرام أجل المهلة بيوم واحد. وفي ذلك، تعبير بوجود تواصل بين المغرب والأمم المتحدة وتوافقهما على خطة العودة، بأخذها لتحفظات، وتظلمات المغرب، بخصوص بعض أفراد الهيئة وسلوكهم بجدية، وجعلها قيد التحقيق والدرس، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات من نتائج وخلاصات، وكون الأجل وتمامه كاملا لم تعد له أهمية وقيمة .
و يستنتج من ذلك أن المغرب فرض على الأمانة العامة للأمم المتحدة المهادنة، وعدم التصعيد لعدة اعتبارات منها، أن عودة المينورسو ولئن هي مهمة، فعملها ووظيفتها أهم، لأنه السبيل إلى الغاية، كما أن إبعاد أفراد البعثة ناتج عن خطأ سقط فيه الأمين العام، علاوة على كون مجلس الأمن لا يملك حق اتخاذ إجراءات الردع والعقوبات في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، إطار نظره الحالي، يؤكد ذلك حديث مجلس الأمن عن تفعليه لأفضل السبل المعبر عنها في قراره، إقترنه بعدم أداء البعثة لوظيفتها كاملة ، وهو الأمر المؤجل إلى ما بعد العودة.
و كل هذا يرشح الملف لأزمات وتوترات أكثراً تعقيدا وشدة، ما دامت بعثة المينورسو، ستحاول فرض أمر واقع جديد و تستقوي بقرار مجلس الأمن، والعتبات المتعددة، و الموضوعة لمراقبة التحديات، والإعاقات التي تواجهها، و تمكينها من اختصاص تقديرالحلول لمواجهتها والتغلب عليها، و الموافقة المسبقة من مجلس الأمن عليها لتذليلها.
فقد يأتي يوم في المستقبل القريب يدرك المغرب أن المينورسو تنازعه في سيادته على الأرض، وتتدخل في علاقته بالإنسان في الإقليم. وهو المسلسل والخريطة والخطة التي اشتغلت عليها الأمانة العامة للأمم المتحدة وخبرائها، وأمريكا وبريطانيا. و هم يضعون القيود والأكبال والأغلال على المغرب باستمرار، ويضيقون عليه مجال الحركة باضطراد، ولن يستفيق المغرب إلا مكرها على القبول بمزيد من التنازلات.
*محامي بمكناس
خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء
التعليقات