النظام القائم بالمغرب غــــــــول أكل لحــم الحزب و مرمش عظم النقابـــــة . و فعل بالاثنين ما يفعله العدو بعــــدوه . وبعدما ملأ بطنه ...
النظام القائم بالمغرب غــــــــول أكل لحــم الحزب و مرمش عظم النقابـــــة . و فعل بالاثنين ما يفعله العدو بعــــدوه . وبعدما ملأ بطنه المنتفخ ، غسل صُحون السياسة و النقابة في بلــــدنا. وغرز عينيه المتخدرتين في المجتمع .
فهل تشكل التنسيقيات بديلا عن الحزب والنقابة ؟؟
التنسيقيات التي أصبحنا نراها تتفتق هنا وهناك. لم تأت كموضة عصر، ولكنها جاءت كإفراز طبيعي لعجز / لتخاذل / لخيانة / لتواطئ / لتلكئ / لبيروقراطيـــــة ...النقابة والحزب. وهي بمثابة بكتيريا نافعــــة . إن لم تُقـَــــوِّ مناعة جسم المجتمع وتحميه من أية سكتة قلبية محتملة . فهي لا تقتل الفعل السياسي أو النقابي . ويكون واهــــمٌ جدا من يضن أن التنسيقيات تشكل بديـــــلا تاريخيا عن النقابة الموكول لها أن تناضل من أجل تحسين ظروف العمال . أو عن الحزب الذي يهدف في النهاية إلى حسم السلطة إن كان يمتلك مشروعا مجتمعيا .
إن وجود تنسيقيات في بلدنا يعد مؤشرا إيجابيا . ويوحي بكون المجتمع ؛ لا يزال على قيد الحياة رغم ابتلاع " الغول " للحزب والنقابــــة . وما كنا لنسمع عن تأسيس تنسيقية ما ــ في مكان ما ــ لو كانت القيادات النقابية وزعماء ما يسمى بالأحزاب الوطنية يحملون فعلا هموم الطبقة العاملة وينتصرون لقضايا الشعب .
في فرنسا مثلا ، حينما طـُرح " إصلاح" قانون الشغل . تحملت النقابات كامل مسؤولياتها النضالية . سواء من داخل المؤسسات أو من خارجها . وأعلنت بكل شفافية عن موقفها الرافض لسياسات " البنك الدولي " المملات على الحكومة الفرنسية و التي تستهدف الشعب الفرنسي برمته . و حرضت هذه النقابات ، كافة أطياف الشعب للعمل على توقيف مشروع القانون المذكور . وكما تتبع الجميع ، خرجت كل شرائح المجتمع للاحتجاج بالشارع . ولم يتخلف عن ذلك لا تلامـــــذة المدارس ولا المعطلـــــون .ولم نسمع أحدا يبرر بالقول ؛ أن تخريب '' قانون الشغل'' لا يعنيـــــه .
عندنا ، إن كانت النقابات العمالية والأحزاب الوطنية قد قَبِلَت على نفسها أن تصير لقمة سائغة بين أنياب النظام القائم المفترس...فطبيعي جدا أن تُخلق تنسيقيات وهيئات أخرى .. . لأن الطبيعة كما يقال لا تقبل بالفــــــراغ. و الوضع يُنبأ بأن الأمور في بلدنا تسير نحو مستقبل مظلم و مفتوح على احتمالات كثيرة . فليس كل ما يلمع في الشـــــارع ذهبا .
هل من أمل في أن تُبعث النقابات و" الاحزاب الوطنية " من جديــــد ، لتلعب دورها التاريخي ؟؟
إن سؤال الاستنهاض والانبعاث والاصلاح والتغيير و الديمقراطية ... يُطرح على كل منقب في نقابة و كل مبطق في حزب .
في رأيي؛ ما وصلنا إليه من ترهل نقابي وسياسي. يرجع أساسا الى أمرين اثنين :
الأمر الأول ـــ خيـــار زعماء النقابات والأحزاب التاريخيين و الخالديــــــن ؛ الاعتكــــاف وسط زريبــــــة النظام القائم ، والتسبيح بحمده والائتمار بأوامره. وإدمانهم على تلجيم الجماهير والابتعاد عنها . وعملهم على تأبيــــــد زعامتهم برهـــــن النقابة والحزب وتدجينهما . وخلق مملكة " البيروقراطية المقيتة " ، بعسكـــــر و مريديــــــن ، يعيدون تدويــــــر حفاظات الزعيم مع كل مؤتمر، كي لا يظهر فوق كرسي الزعامة مبــــــــللا أمام أعين '' العدميين '' . و طبعا هذا الخيار ليس من أجل سواد عيون الوطن كما يَدَّعون ولكن في سبيل ممتلكاتهم ومصالحهم الخاصة ...
الأمر الثاني ـــ " عقد القران " المرتكز أساسا على " السلم الاجتماعي و الاجماع الوطني " ما بين النظام القائم من جهة و النقابات والاحزاب من جهة أخرى .. وهو "عقــــد أبدي " و التزام من جانب واحدة فقط . أي هذا '' العقد " يُلزم الأحزاب والنقابات دون أن يلزم النظام . وبموجبه وبدعوى الحفاظ على " السلم الاجتماعي " والاستقرار ...أصبحت النقابات والأحزاب تغلق آذانها وتغمض عيونها عن كل المجازر التي تنفذ في حق الشغيلة و الشعب ككل .
ومن تأثير هذا الاجماع الوهمي أنه : كبل الشعب المغربي وخرب تاريخه ، واستباح كرامته و حريته ، وخلق عبر الأجيال قطيـــعا من الرعـــــايا الأوفيــــاء منزوعي الإرادة والكرامة . ولمدة نصف قرن من الزمان ضاع المجتمع في دوامة من الجهل والأمية والمرض والعطالة والفقر والتشرد وخيبات الأمل .... مدة طويلة ، راكمنا فيها ما يكفي من الويلات و المهالك .
ألم نكن جديرين بأن تستثمر هذه المدة من تاريخنا في التنمية وخلق شروط ملائمة لعيش الأجيال كمواطنين أحرار متساوين في الكرامة والحقوق ؟؟
هل من حلول مستعجلة للخروج من عنق الزجاجة ؟؟
المَخرج ليس وصفة سحرية ، و الحل بسيط و غير مكلف ، و هو في متناول الجميع هيئات و أفراد... يتطلب فقط المصالحة مع الفعل النضالي الجماهيري واستلهام إرادة التغيير .
وفي رأيي يشتمل بدوره على أمرين :
01 ــ محاربة البيروقراطية النقابية والحزبية بلا هوادة وتعزيز الديمقراطية .بطبيعة الحال ليس فقط تلك البيروقراطية التي يفرضها الزعيم والعسكــــر النقابي والحزبي . ولكن أيضا تلك التي ننتجها نحن بشكل يومي وتتجلى في مسلكياتنا كمناضلين ومنخرطين ، أطرا و قواعد .
02 ــ إلغاء التعاقد مع النظام حول " السلم الاجتماعي " . وتغييره ب"عقد اجتماعي " مع الشعب . قوامه " الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ". لتُرفع فيه مصلحة الطبقة العاملة والمواطنة فوق مصلحة الزعيم وفوق كل الاعتبارات .
فالنقابة من عرق الشغيلة تشع وتنهض . و الحزب ينبت بين دروب العمال والفقراء والكادحين . أما التنسيقية فتظهر حين يغيب " الحزب والنقابة " ، وتذهب حين تطمئن بأن قاطرة الاثنين تمشي على سكة التغيير.
*عبدالمالك حوزي
ملحوظة : النقد موجه أساسا الى النقابات " التقدمية " والاحزاب الوطنية ..أما النقابات الحزبية والخبزية و الاحزاب الادارية والكارطونية ودكاكين الدين .. فلا تستحق التفاتة .
التعليقات