*اليوسفي محمد لماذا تخلت عنا روسيا؟! هكذا يتسآل الولد المدلل بغباء كبير بعد أن أصبح ملما كما يعتقد اوكما تم ايهامه بتفاصيل وكواليس ...
*اليوسفي محمد |
لماذا تخلت عنا روسيا؟! هكذا يتسآل الولد المدلل بغباء كبير بعد أن أصبح ملما كما يعتقد اوكما تم ايهامه بتفاصيل وكواليس ملفات معقدة يملك أسرارها سيادة المستشار!!
كان الأحرى أن يتساءل ومعه كثير من التائهين اليوم في فهم أسرار التقلبات الجيواستراتجية الحالية وعلاقتها بالقضية الوطنية : لماذا تخلت عنا امريكا بعد سنين من الخضوع والتبعية العمياء؟
الوهم الروسي
هل فعلا كنا نطمح بعد أسبوعين من توقيع بعض المعاهدات مع روسيا أن تصطف إلى جانبنا في مجلس الأمن وتدافع عن قضيتنا الوطنية بشراسة وتترك جانبا حليفها القديم الجزائر وهي التي تستميت اليوم في ابقاء نظام بشار الأسد قائما رغم كل المجازر و الكوارث التي ارتكبها ولا زال في حق سوريا وفي حق الشعب السوري، بل ووقفت في وجه امريكا نفسها وقوى إقليمية عديدة ضد الإطاحة بنظام كان الكل يراهن على انهياره الحتمي؟!!
على مسؤولينا اليوم أن يتحلوا بكثير من الشجاعة والجراة ويخبروا المغاربة بحجم الكارثة ولا يختفوا وراء بلاغات كاذبة تصور القرار الأخير لمجلس الأمن بأنه انتصار تاريخي على بان كيمون ، فالقضية الوطنية تمر بمنعطف خطير جدا سوف يكون له ما بعده، وليس الموقف الأمريكي في مجلس الأمن إلا بداية انهيار مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب والذي دافع بكل ما أوتي من خيبات ديبلوماسية كي يصير الأرضية الوحيدة لأي تسوية لملف الصحراء.
في الرمال المتحركة للقضية الوطنية لاشيء ثابت ومستقر وكل المواقف الدولية حتى التي نتغنى بأنها كانت في صفنا في مجلس الأمن قابلة للتحول بشكل قد يكون مفاجئا وغير متوقع.
حقيقه الموقف الأمريكي
لم يعمل القرار المغربي بطرد الشق المدني لبعثة المينورسو إلا على تأجيل ترتيبات أمريكية تم إعدادها بدقة سابقا مع المبعوث الشخصي للأمين العام الذي لم تستسغ امريكا ابدا طريقة تعاطي المغرب معه كما لم تستسغ أيضا أن يعامل بان كيمون بلااهتمام واضح من طرف المسؤولين المغاربة . هل يجب علينا أن ننسى أن هيئة الأمم المتحدة ما هي إلا أداة في يد امريكا تستعملها في إذلال الشعوب والدول !
كان الهدف هو الإجهاز على مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب رغم ما تصفه به امريكا بأنه جدي وذو مصداقية ولم يكن خلاف المغرب في واقع الأمر مع روس وبعده بان كيمون إلا خلافا مع أمريكا ذاتها التي ترفض أي تسوية نهائية لملف الصحراء في الوقت الحالي مادام النزاع تحت سيطرتها عن طريق مجلس الأمن وهيئة الامم المتحدة ومن خلال امساكها بخيوطه عبر مبعوثيها الأمريكيين وما دام أيضا صراعا دبلوماسيا وسياسيا تحت السيطرة يمكنها من استنزاف دولتين معا اقتصاديا وعسكرياً هما المغرب والجزائر وهذا ما يفسر تلويح الانفصاليين ومن ورائهم الجزائر بالحرب ضد المغرب في محاولة للضغط على القوى الكبرى بإشعال توتر عسكري في منطقة حساسة استراتيجيا ومليئة بإخطار أمنية كبيرة.
هذا ما ازعج امريكا التي تعتبر هيبة الأمم المتحدة من هيبتها ورأت في طرد المغرب لموظفي المينورسو جرأة زائدة تستحق تقليم أظافر.
أمريكا لا تريد حلا سياسيا متوافقا عليه كما تدعي ولا تريد أيضا أن يفرض المغرب عمليا واقعا جديدا في الصحراء يخرج الأمور تحت سيطرتها فليطل النزاع ما شاء مادام يحقق توازنا اقليميا في الوقت الحالي.
ما حصل بمجلس الأمن مؤخرا من نقاش "صعب" حول قضية الصحراء لم يكن في واقع الأمر إلا توزيعا للادوار بين أمريكا وحلفائها فليس ملف الصحراء بقضية خلافية كبرى لدى الغرب ولا توجد رهانات استراتيجية قد تصل لدرجة التناقص الحاد بين أمريكا وحلفائها ومن ضمنهم فرنسا
قد يعتبر المغرب جزءاً منها، ولم تصل العلاقات الروسية المغربية لمستوى من التطور والنضج قد تخلق أي صراع على مصالح ما بين القوى الكبرى كفيلة بجعل "الحليف" الجديد يدعم بقوة مصالح المغرب.
تحالفات هشة
في محاولته الانفتاح أكثر على قوى دولية أخرى غير القوى القديمة التي راهن عليها تقليديا اتجه المغرب مرغما نحوروسيا والصين، جاء هذا الانفتاح للأسف في سياق معقد سمته فشل الرهان على ما اعتبره المغرب الى وقت قريب جدا صديقا وحليفا أمريكيا يمكن الاطمئنان إليه في إيجاد حل لقضيته الوطنية.
لم يخضع هذا التوجه الجديد لحسابات مرتبة دقيقة ومبكرة بل ظل الرهان على دعم الولايات المتحدة الأمريكية لقضية المغرب الأولى مستمرا حتى النهاية رغم بوادر تغيير الموقف الأمريكي منذ أن تقدمت بمقترح توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. نفس الأمر تماما هو ما حصل للمغرب عندما توالت مواقف كثيرة داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي معادية للوحدة الترابية للمغرب.. سوء تقدير للمتغيرات الدولية يصاحبها ردود فعل سياسية غير مدروسة تعكس غياب رؤية استراتيجية متبصرة و ضعف واضح للآلة الدبلوماسية المغربية .
وإذا كان يلزم بعض الوقت لنضج هذا التوجه الجديد حتى يتسنى للمغرب جني ثماره السياسية فإن الرهان على استمرار الدعم الفرنسي للمغرب محفوف بكثير من المخاطر لارتباطه بالمصالح الاقتصادية لفرنسا بالجزائر والضغوط التي تمارسها هذه الأخيرة للتأثير على الدعم الفرنسي للمغرب أو على الأقل تحييده. في نفس الوقت لا يمكن انتظار الشيئ الكثير من الحليف الخليجي رغم مواقفه الصريحة في دعم الوحدة الترابية للمغرب بالنظر للانقلاب الأخير في علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية وحاجته دول الخليج ذاتها لمن يحميها من التغول الإيراني.
رغم أهمية التوجه الأخير للمغرب نحو تنويع شركائه وحلفائه إلا أنه للأسف سيجعل من قضية الصحراء مجالا للصراع والتنافس بين القوى الكبرى داخل مجلس الأمن قد تعقد النزاع أكثر وقد تسرع بحله إن حصلت توافقات بين هذه القوى حول ملفات دولية أهم مما قد يفتح ملف القضية الوطنية على كل الاحتمالات.
*اليوسفي محمد
التعليقات