$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

ماذا يريد منا ملوك الديكتاتوريات العربية؟! - حمزة محفوظ*

مٌميز هو خطاب الملك محمد السادس الأخير أمام حكام الخليج، وميزته أنه تجاوز لغة الخشب وعبارات الحشو والكلمات المعقدة التي عود عليها الشعب ...

مٌميز هو خطاب الملك محمد السادس الأخير أمام حكام الخليج، وميزته أنه تجاوز لغة الخشب وعبارات الحشو والكلمات المعقدة التي عود عليها الشعب المغربي في خطاباته المكرورة والمتشابهة. الرجل أخبرنا لأول مرة بوضوح ما يُفكر به، أو على الأقل ما يفكر به أولئك الذين يكتبون خطاباته. 

أخبرنا ملك المغرب لأول مرة، رأيه صراحة في المظاهرات المطالبة بالديمقراطية، التي عمت الدول العربية منذ خمس سنوات، ومن بينها بلده المغرب، حاكما عليها بأنها عبارة عن "خريف عربي". متحدثا عن مخططات نسب المسؤولية عنها للمجهول، تستهدف المنطقة، هدفها تعميم "الفوضى". معتبرا أن حالة الاستهداف تلك، تركز على الأنظمة الملكية، التي وصفها بواحات الاستقرار لحماية أمن المنطقة، بعد تعميم الأمن في أجزاء واسعة منها. متسائلا "ماذا يريدون منا؟!".

إن جاء هذا الرأي على لسان إنسان وسط أصدقائه في أحد مقاهي المغرب، كان سيكون مقبولا، لكن الحالة أنه جاء من حاكم دولة سلطوية، في مجمع من الناس هم حكام الخليج، أغلبهم متورط بشكل مباشر في تحويل "الربيع العربي" إلى "خريف"، عبر المال والسلاح  وبيادق الإرهاب والتطرف التي صنعوها ومولوها، واحتكار الثروات وتهريبها.

لو نظر الملك إلى يساره، سيجد ملك السعودية، الذي مول انقلاب عبد الفتاح السيسي، ومول ويمول المجازر في أرض الكنانة، قبل أن يشتري الجزيرتين المصريتين فوق الدم المسفوح. لو التفت المتحدث للمحيطين به، سيجد من دمروا الربيع في سورية وصيروه خريفا، واليمن فاستضافوا علي صالح ثم أغاروا على البلد، وخربوا قبلهما العراق، وشاركوا بعدها في تخريب ليبيا، ويخططون لزعزعة تونس.

"ماذا يريدون منا؟!"؛ بوسعنا أن نطرح السؤال كما طرحه ملك المغرب، لكننا نطرحه بدون نسبة للمجهول، "هم": ملوك الخليج، "منا": الحالمون والمضحون لربيع ديمقراطي. إنهم يخافون أن يصل الربيع، يخافون من تونس النموذج، التي أعلن في نفس اليوم الذي ألقي فيه خطاب الملك، أنها حققت أكبر تقدم في مجال حرية الصحافة، وتسير ولو ببطء نحو الحلم الذي تقاسمته شعوب المنطقة. إنهم مستعدون للتضحية بنصف مقدرات وشعوب بلدانهم، حتى يستمروا في سرقة النصف الآخر.

السؤال الذي على الملك محمد السادس أن يطرحه، هو ما حاجة ملوك الخليج لبلد كالمغرب، هم الذين انقلبوا وينقلبون على حلفائهم تماشيا مع مصالحهم؛ ما مصلحتهم في بلد اسمه المغرب؟! ونحن نستحضر أن أول ضحية للعدوان السعودي، الذي يشارك فيه المغرب على اليمن، بعد اليمنيين هو الشهيد المغربي الشاب ياسين بحثي، يوم العاشر من ماي 2015. شهيد الإجرام السعودي في اليمن ورخص الدم المغربي عند مسؤوليه.

لا يشكل الانتماء المزدوج العربي والأمازيغي لأغلب المغاربة أي تناقض.  فالأصول العرقية اختلطت ومعها وقع تمازج وانصهار لم يدع مبررا يجعل أحدا يدعي النقاء العرقي أو الإحساس الشوفيني بالإنتماء إلى سلالة أنبل وأنقى منبعها الشرق. لكن كلما استأنف الحديث عن فتح الشراكة مع دول الخليج مبنية على الإسلام والعروبة، خاصة لما تخرج من أفواه ملوك دول الخليج، أحس وكأن ناقوسا يُقرع في رأسي بشدة. ناقوس يرغب في أن يعلن أننا لا نشترك شيئا معهم تحديدا، لا طريقة عيشهم للاسلام، ولا طريقة أو مبررات ومآلات إحساسهم القومي. لا يبقى في الأمر سوى المصالح المشتركة، فيطرح سؤال تحديد تلك المصالح، وأي ثمن ينتظرون أن نؤدي مقابل شراكتهم الموعودة.

ماذا يريد الخليجيون من المغرب والمغاربة؟! ما مقابل كل هذه الأموال والاتفاقات؟

 إنهم يريدون دولة لا تحسب حسابا لمواطنيها، فتدفع شبابه للموت في معاركها، وشاباته لفنادق المجون.  الدول المستعدة بالتضحية بأرواح شعوبها وكرامتهم.  أما الحديث عن  "الأخوة العربية الاسلامية المشتركة" الذي تردد، فلم يعد قابلا للتصديق في سياسة الأرض المحروقة التي انتهجوها مع الجزء الواسع ممن يشاركونهم النطق بالعربية أو الدين بالإسلام في المنطقة.
إنهم يريدون دولة لا تحسب حسابا لمواطنيها، فتدفع شبابه للموت في معاركها، وشاباته لفنادق المجون. 
إن عدم مشاركة مصر في التحالف ضد اليمن، ومظاهرات الأمل التي خرجت ضد عبد الفتاح السيسي بعد بيعه جزيرتين من أرض الكنانة إلى السعودية، والتوترات الأخيرة مع أمريكا على خلفية اتفاقها النووي مع إيران، والفشل في حسم القضية السورية واليمنية... يجعل الخليج معزولا، ولم يبقى له سوى سيولة المال التي اشترى بها ويعزم عبرها شراء دول وجيوش وشعوب.

عودنا الملك محمد السادس في خطبه الأخيرة طرح الأسئلة، فسأل قبل أشهر "أين الثروة؟!". وسأل أخيرا "ماذا يريدون منا؟!". وهما سؤالين يجوز أن نجيبه بطرحهما عليه.  أين الثروة؟! ماذا تريدون منا؟!. وإن كانت عندنا بعض عناصر الإجابة. فأما عن الأول فهي محجوزة بالتهريب في الجنان الضريبية، ومستحيلة عبر الاحتكار الذي تمارسه المؤسسات الملكية نفسها.  وأما الثاني فندع قصيدة الشاعر العربي تتسائل فوقه:

"  قلتُ للحاكمِ : هلْ أنتَ الذي أنجبتنا؟

قال : لا .. لستُ أنا

قلتُ : هلْ صيَّركَ اللهُ إلهاً فوقنا؟

قال : حاشا ربنا

قلتُ : هلْ نحنُ طلبنا منكَ أنْ تحكمنا؟

قال : كلا

قلت : هلْ كانت لنا عشرة أوطانٍ

وفيها وطنٌ مُستعملٌ زادَ عنْ حاجتنا

فوهبنا لكَ هذا الوطنا؟

قال : لم يحدثْ، ولا أحسبُ هذا مُمكنا

قلتُ : هل أقرضتنا شيئاً

على أن تخسفَ الأرضَ بنا

إنْ لمْ نُسدد دَينَنَا؟

قال : كلا

قلتُ : مادمتَ إذن لستَ إلهاً أو أبا

أو حاكماً مُنتخبا

أو مالكاً أو دائناً

فلماذا لمْ تَزلْ يا ابنَ الكذا.. تركبنا؟"

...

أما الحالمون بالكرامة، فلم يريدوا غير حقهم الذين سيحصلون عليه.


التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2030,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6524,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,170,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,5,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,986,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,299,السعودية,15,الصحة,118,الصين,25,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,13,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,759,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1305,تقرير صحفي,75,تونس,90,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,388,حزب الله,9,حماس,1,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,374,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,15,سوشال ميديا,15,سياحة,1,سينما,28,شؤون ثقافية,444,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,910,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,1,علوم و تكنولوجيا,314,عناوين الصحف,322,غزة,81,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,604,فنون,242,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1929,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1253,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,7,مغاربي,1045,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: ماذا يريد منا ملوك الديكتاتوريات العربية؟! - حمزة محفوظ*
ماذا يريد منا ملوك الديكتاتوريات العربية؟! - حمزة محفوظ*
https://3.bp.blogspot.com/-07FEnsnFGFM/Vxtaf110sjI/AAAAAAAAdzg/h8uMj_w-MrAMHtrabYfog-wjtXpwqsc2wCLcB/s640/577897_283340968427647_1425857762_n.jpg
https://3.bp.blogspot.com/-07FEnsnFGFM/Vxtaf110sjI/AAAAAAAAdzg/h8uMj_w-MrAMHtrabYfog-wjtXpwqsc2wCLcB/s72-c/577897_283340968427647_1425857762_n.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2016/04/blog-post_982.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2016/04/blog-post_982.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية