$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

هل باتت “القومية السنية” بديلا لـ”القومية العربية” لمواجهة “القومية الشيعية الفارسية”؟ - عبد الباري عطوان*

بعد عام من توليه العرش حصد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وسام الجمهورية التركي، وقلادة النيل المصرية، وشهادة دكتوراه فخرية ...


بعد عام من توليه العرش حصد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وسام الجمهورية التركي، وقلادة النيل المصرية، وشهادة دكتوراه فخرية من جامعة القاهرة، وعقد اربع قمم مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وثلاث اخرى مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واسس تحالفين احدهما عربي والثاني اسلامي، وتزعم اضخم مناورات عسكرية في تاريخ المنطقة (رعد الشمال)، واستعاد سيادة بلاده على جزيرتي “صنافير” و”تيران”، في مدخل خليج العقبة، وارسل طائرات “عاصفة الحزم” لخوض حرب مفتوحة النهايات في اليمن، واربع طائرات اخرى الى قاعدة “انجرليك” التركية الجوية للمشاركة في الحرب ضد “الدولة الاسلامية”، وربما محاولة اسقاط النظام السوري لاحقا، اذا سارت الرياح وفق اشرعة السفن السعودية.
هجمة دبلوماسية سعودية اخذت الملك سلمان الى القاهرة، ومنها الى انقرة، بينما طار نجله ولي ولي العهد، وخليفته القادم الى العاصمة الاردنية عمان، ومنها الى امارة ابو ظبي، وحظي في العاصمتين باستقبال الملوك، حتى ان العاهل الاردني الذي كان في استقباله في مدينة العقبة كسر البروتوكول الرسمي واصدر بيانا رسميا في ختام الزيارة.
ما الذي يحصل.. ولماذا هذه الهجمة، وهل هي مؤشر عن حالة خوف، او علامة قوة؟ وما الذي يمكن استقراؤه من  كل هذه التحركات، وفي مثل هذا التوقيت، من قبل دولة معروفة بتثاقل حركتها، وعمق تأنيها، وفي منطقة من اكثر مناطق العالم التهابا؟
***
تطوران رئيسيان يقفان خلف هذه “الهجمة” السعودية، الاول: محاولة تشكيل “تحالف سني” في مواجهة الخطر الايراني يرتكز على مثلث سعودي تركي مصري، والثاني: الانسحاب الامريكي المتدرج من منطقة الشرق الاوسط سياسيا وعسكريا، والتخلي عن الحليف السعودي الذي كان محور ارتكاز الاستراتيجية الامريكية وحروبها في المنطقة على مدى ثمانية عقود.
المال هو الاسمنت الذي من المفترض ان يؤدي الى ترتيب اضلاع هذا التحالف وتمتينها، فصاحب القرار السعودي يملك الكثير منه للانفاق على تحالفاته الخارجية، ومستعد لبيع كل ممتلكات الدولة الاساسية واصولها، بما فيها نسبة من شركة “ارامكو”، ورهن الاحتياطات النفطية، او بيع جزء منها لتمويل التوجه الاستراتيجي الجديد، وحروبه المقبلة.
صحيح ان ضلعين من المثلت باتا جاهزين (تركيا والسعودية)، ولكن الضلع الثالث (مصر) يجري العمل لتجهيزه حاليا، من خلال وساطة سعودية للتقريب بين القاهرة وانقرة، والمسألة ربما مسألة وقت، والعقبة، اي “الاخوان المسلمين”، ليست ضخمة بحيث تعرقل الطموح الاقليمي الاكبر، اذا نظرنا الى تراجعات اردوغان الاخيرة تجاه اسرائيل والعراق، ومن غير المستبعد ان نرى حلولا لها في المستقبل المنظور، فمصر باتت “جزيرة” سعودية ثالثة بعد جزيرتي “صنافير” و”تيران”، وقرارها بات حاليا في الرياض، اكثر مما هو في القاهرة، اللهم الا اذا حدثت مفاجأة، او معجزة، تنسف كل المسار الحالي.
اسرائيل ليست هدفا في كل ما يجري من التحركات السعودية، وحروبها الحالية والمستقبلية، ولا يعلم بالغيب والسرائر الا العلي القدير، والهدف حتما هو ايران، وابناء الطائفة الشيعية الذي يرتبطون بمشروعها، حسب الادبيات السعودية، ولذلك لم يكن مفاجئا ان يطرح السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي ان بلاده ملتزمة باتفاق السلام الموقع بين مصر واسرائيل (كامب ديفيد)، وكل ما يترتب عليه من التزامات، وتأكيد تسريبات صحافية اسرائيلية بان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء على علم بالاتفاق السعودي المصري حول الجزر، وباركه بالكامل، بعد ان حصل على موافقة المجلس الوزاري المصغر الذي ناقشه.
القيادة السعودية الحالية تطرح عقيدة سياسية استراتيجية  جديدة، وتجند الحلفاء خلفها، وهي “القومية السنية” كبديل للقومية العربية، والاممية الاسلامية، التي كانت تتبناها السعودية على مدى ثمانين عاما، وبما يؤدي الى استثناء الشيعة بالكامل، واسقاط الهويتين العربية والاسلامية عنهم، وتحويلهم الى معسكر الاعداء الذي تتزعمه ايران، بغض النظر عن قبولهم لهذا التصنيف من عدمه.
العاهل الاردني عبد الله الثاني تحدث الى اعضاء الكونغرس الامريكي قبل شهرين عن حرب “عالمية ثالثة” في طريقها الى المنطقة، ولا نستبعد ان تكون التحضيرات الحالية التي تقودها السعودية وعاهلها، تصب في هذا الاتجاه، وعلينا ان نضع في اعتبارنا ان العاهل الاردني هو اول من تحدث عن خطر “الهلال الشيعي” قبل عشر سنوات تقريبا، وها هو هذا الهلال يتجسد امامنا في الانقسام الطائفي الذي ينعكس بكل وضوح في الحربين السورية واليمنية، والقادمة في العراق، وغير المباشرة في لبنان، ولم يكن من قبيل الصدفة ان يحذر البيان الختامي الذي صدر عن زيارة ملك السعودية المقبل الامير محمد بن سلمان للاردن، ولقائه مع العاهل الاردني، ايران من التدخلات في شؤون دول المنطقة واشعال الفتن الطائفية فيها.
***
نظريا.. وعلى الورق.. تبدو “الطبخة” السنية السعودية على وشك النضوج، ومكوناتها مغرية، وبهاراتها الاعلامية والمالية تثير لعاب الكثيرين في المنطقة، وربما بعض دول العالم الاسلامي، واي معارضة لها، او التشكيك فيها، او التحذير من احتمالات احتراقها، واعطائها نتائج سلبية ممنوعة، ومن يخرج عن النص المكتوب سيواجه بـ”حزم”، وربما تفيد الاشارة في هذا المضمار وبعجالة شديدة، الى ان كاتبين سعوديين من عليه القوم، ومن ابرز العقول الاقتصادية، اجبر الاول (عصام الزامل) على مسح ثلاث تغريدات على “التويتر”، اعترض فيها على بيع “ارامكو” اسمها في الاسواق المحلية والعالمية وتأسيس صندوق سيادي بترليوني دولار في غضون ساعات معدودة، بينما سحب الثاني (برجس البرجس) مقالا له ينتقد السياسة الاقتصادية السعودية وخصخصة اصول الدولة نشره في صحيفة “الوطن” السعودية من الطبعة الالكترونية.
في مقال سابق قلنا ان القيادة السعودية تعرف متى تضرب ضربتها في الوقت المناسب، بالاشارة الى استعادتها الجزيرتين المذكورتين من خلال الاتفاق الاخير في مصر، مستغلة اوضاع مصر الاقتصادية المتدهورة، ونضيف هنا بعدا جديدا، وهو انها لم تطالب مطلقا بهاتين الجزيرتين عندما كانتا تحت الاحتلال الاسرائيلي لاكثر من 12 عاما، ولم تلمح مطلقا بسيادتها عليهما، لتجنب اي صدام مع دولة الاحتلال الاسرائيلي ولكن بعد استعادتهما عبر اتفاقات كامب ديفيد ضمن شبه صحراء سيناء، تغير الامر، وبدأت تظهر الوثائق المرفوقة بضغوط كبيرة، واستعدادات مصرية لصفقة “التنازل” مقابل ثمن مالي ضخم.
حرب حزيران (يونيو) 1967 اندلعت بسبب جزيرتي “تيران” و”صنافير”، وقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اغلاق مضيقهما في وجه السفن الاسرائيلية، ولكننا لا نعتقد ان الحرب العالمية الثالثة ستشتعل بسببهما، بل ربما ما قد يحدث هو العكس تماما، اي ان تتحول الجزيرتان الى جسر لتطبيع مقبل بين “القومية” السنية السعودية و”القومية اليهودية” في مواجهة “القومية الشيعية الفارسية، وليس هناك اي شيء مستبعد في هذا الزمن العربي الرديء، ونأمل ان لا تصدق توقعاتنا هذه المرة.

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2031,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6529,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,172,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,7,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,992,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,300,السعودية,15,الصحة,118,الصين,26,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,15,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,762,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1307,تقرير صحفي,75,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,389,حزب الله,11,حماس,3,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,376,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,18,سوشال ميديا,15,سياحة,2,سينما,29,شؤون ثقافية,448,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,912,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,2,علوم و تكنولوجيا,315,عناوين الصحف,322,غزة,87,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,614,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1932,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1254,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,8,مغاربي,1047,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: هل باتت “القومية السنية” بديلا لـ”القومية العربية” لمواجهة “القومية الشيعية الفارسية”؟ - عبد الباري عطوان*
هل باتت “القومية السنية” بديلا لـ”القومية العربية” لمواجهة “القومية الشيعية الفارسية”؟ - عبد الباري عطوان*
https://4.bp.blogspot.com/-328RT7Wcq_0/Vw1QfwO52UI/AAAAAAAAdXA/ttOnGhg1DSIqPm4ZPh-yQ0mhrjV4yj09QCLcB/s640/atwan-ok7.jpg
https://4.bp.blogspot.com/-328RT7Wcq_0/Vw1QfwO52UI/AAAAAAAAdXA/ttOnGhg1DSIqPm4ZPh-yQ0mhrjV4yj09QCLcB/s72-c/atwan-ok7.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2016/04/blog-post_634.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2016/04/blog-post_634.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية