تحولت الولايات المتحدة الى الدولة التي تبدي موقفا غير ودي لصالح المغرب في مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء المغربية، وهذا الموقف يجر الى تساؤ...
تحولت الولايات المتحدة الى الدولة التي تبدي موقفا غير ودي لصالح المغرب في مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء المغربية، وهذا الموقف يجر الى تساؤل عريض: ما جدوى عشرات الملايين من الدولارات التي جرى استثمارها في لوبيات في نيويورك وواشنطن؟ ويضاف سؤال آخر: هل سيستمر المغرب في الاستثمارات في لوبيات لا تقدم اي فائدة حقيقية لملف الصحراء.
وللمرة الثانية، اشتكى الملك محمد السادس من الموقف الأمريكي في نزاع الصحراء. وكانت المرة الأولى في خطاب له يوم 6 نوفمبر 2014 بمناسبة المسيرة الخضراء، وتساءل عن الازدواجية في اعتبار واشنطن المغرب نموذجا للتطور الديمقراطي وشريكا في محاربة الإرهاب وفي الوقت ذاته تتبنى الغموض في وحدته الترابية.
وعاد بشكل أوضح في خطاب القمة المغربية-الخليجية يوم 20 أبريل الجاري ليندد بالمؤامرة التي يتعرض لها المغرب، ويلمح بشكل واضح الى الموقف الأمريكي والبريطاني أساسا.
ويعتبر الخطاب الأخير منعطفا في رؤية الرباط للولايات المتحدة. وعمليا، كان المغرب الرسمي يوهم نفسه بوقوف واشنطن معه في ملف الصحراء، علما أن الولايات المتحدة كان يصدر عنها تصريحات مجاملة ليس إلا بينما موقفها الرسمي كانت تعبر عنه دائما في مجلس الأمن بإبداء دعم محدود لمقترح الحكم الذاتي أو التركيز على حقوق الإنسان خاصة في مسودة مقترح أبريل 2013.
وواقعية الموقف الأمريكي الذي لم يتغير منذ عقود يجر الى تساؤلات أهمها: هل غاب على الدولة المغربية وخاصة الدبلوماسية والمخابرات الخارجية حقيقة الموقف الأمريكي؟ والسؤال الثاني: لماذا كان يستثمر المغرب عشرات الملايين من الدولارات في لوبيات لا فائدة منها وبطريقة غير ذكية؟
مراجعة تصريحات مسؤولي الدولة المغربية حول الموقف الأمريكي سواء في البرلمان أو البيانات أو التصريحات الصحفية سيجد طيلة السنوات الأخيرة أنها كانت تؤكد للرأي العام المغربي أن واشنطن تقف الى جانب المغرب في نزاع الصحراء.
وللوقوف على هذا النوع من التصور الخاطئ، يمكن العودة الى مناسبتين، الأولى وهي انعقاد ما يسمى الحوار الاستراتيجي المغربي-الأمريكي، ثم زيارة الملك محمد السادس الى واشنطن خلال نوفمبر 2013. وسيجد المهتم خلال المناسبتين تصريحات ومقالات لوسائل إعلام مقربة من الدولة “تطبل” للموقف الأمريكي”، حيث استمر هذا الإيقاع السياسي والإعلامي حتى الأمس القريب.
في الوقت ذاته، إذا كان المسؤولون المغاربة يدركون حقيقة الموقف الأمريكي، لماذا تم استثمار عشرات الملايين الدولارات في لوبيات لا تأثير لها في الولايات المتحدة سوى مقالات في منابر إعلامية محدودة التأثير وبأقلام غير مؤثرة؟
ومن خلال جرد لكبريات وسائل الاعلام الأمريكية، سيجد القارئ مدى حضور وجهة نظر البوليساريو في جرائد من حجم نيويورك تايمز والواشنطن بوست، بينما يتعرض المغرب لحملة انتقادات قوية.
عمليا، الرهان على اللوبيات في الولايات المتحدة هو جزء من العلاقات الدولية، خاصة بالنسبة للدول التي تعاني في ملفات مثل المغرب في حالة نزاع الصحراء. وعمليا كذلك، عندما لا تنجح دولة معينة في استراتيجية اللوبيات خلال السنة الأولى والثانية تقوم بتغيير منهجية العمل أو التوقف. لكن في حالة المغرب، لم يحدث هذا، بل جرى الرفع من الميزانيات المخصصة للوبيات بدون جدوى.
وعلى ضوء هذه التغييرات، يبقى التساؤل: هل سيقوم المغرب بتجميد الاستثمار في لوبيات الضغط؟ وهل سيغير من منهجية العمل في ملف الصحراء في كل من واشنطن ونيويورك؟ (الف بوست)
التعليقات