حينما سلم المغرب في الثمانينيات مفاتحه لصندوق النقض الدولي و البنك العالمي، فإنه ربما لم يكن يدرك أو يمكن كان عارف، أن أمثال هذه المؤسسا...
حينما سلم المغرب في الثمانينيات مفاتحه لصندوق النقض الدولي و البنك العالمي، فإنه ربما لم يكن يدرك أو يمكن كان عارف، أن أمثال هذه المؤسسات الجهنمية تشترط "النجابة" في تلامذتها و ترغمهم على الطاعة و الانضباط بتعليماتها، و إلا غادة تسد الروبيني ( الصنبور) و توقف قروضها و تطالب باستعادة أموالها و مستحقاتها من الديون و فوائد الديون المجحفة، التي لا تختلف كثيرا عما اشترطه "شايلوك" المرابي في مسرحية وليام شكسبير "تاجر البندقية" بعد أن طالب باقتطاع رطل من لحم أحد الدائنين له. لكن ما فشل فيه شايلوك نجح فيه صندوق النقد الدولي بعد أن منع منعا كليا توظيف الأجيال الجديدة في المؤسسات العمومية، و طالب بإفراغ الإدارة المغربية من كفاءاتها عبر التقاعد المبكر أو "المغادرة الطوعية"، و سلطات المغرب سامعة قابلة طايعة عن طواعية، ثم طلب رفع يد الدولة عن قطاعات حيوية مثل الصحة و التعليم، يعني أن الفقير ما يتداوى ما يقرا ما يتعلم، و إجبار الآباء اللي خصهم " ايديرو يديهم فجيوبهم" باش صحاب المدارس ديال الخلاص يضربو يديهم فجيوب عباد الله المهلوكين، و هذا يعني و بكل وضوح خاص العائلات المستضعفة تخلص على ولادها إذا رغبت في أن يلتحق أبناؤها بالمدارس، حسب تعبير الوزير الداودي لحسن (ليه كون بقا ساكت) .
و كدليل جديد على استعمال المؤسسات النقدية العالمية لتصفية ملف التعليم، سارع "المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي" منذ أيام قليلة إلى الدعوة من أجل إنهاء مجانية التعليم، و منح تحفيزات جبائية لفائدة التعليم الخاص، و الرسالة واضحة أن أبناء المغاربة سيحرمون حتى من الحد الأدنى من "المعارف و القراية" التي كانوا يتلقونها في المدارس الكارثية ديال المخزن كما تسمى و التي كانت بالكاد تؤهلهم لفك حروف الأبجدية.
لا تعليم، لا صحة، لا شغل، لا خدمة لا ردمة، لا عدالة، في انتظار أن تمتثل الدولة لتعاليم أكثر قسوة صادرة عن المؤسسات العالمية، بل و ستزايد عليها بتنزيل إجراءات ضريبية و جبائية تفترس جيوب الضعفاء و تمتص ما تبقى من دراهم معدودة في حوزتهم، و قد يصل الأمر بالسلطات المغربية التي تضع يدها في يد المؤسسات العالمية الاستعمارية للقضاء على مستقبل الأطفال والشباب، إنهم يفكرون هذه الأيام في فرض ضريبة على التنفس و استنشاق الهواء، رغم رداءة و تلوث الأجواء الطبيعية و السياسية التي أصابت المغاربة بالضيقة و أمراض مختلفة أخرى، ثم تنتقل الدولة و حكومتها إلى السرعة الثانية بفرض ضريبة " الشمس"، فقد لا يجوز في اعتبارها أن يستغل المغاربة السخونية و يدفاو بها فيتسرب الدفيء إلى العظام خصوصا بعد أن اكتشف العلماء أن أشعة الشمس تحتوي على فيتامين "دي" و في المقابل اكتشف علماء آخرون أن السلطات المغربية تحتوي على فيتامين " دي " كولشي.
فهل يصح أن يستهلك المغاربة "مقويات" دون أن يؤدوا للدولة المخزنية "حقوقها" المصونة و التي تبتدع قروضا سريعة للمعوزين على غرار قروض الاستهلاك التي تؤدي إلى الهلاك و التي خربت آلاف البيوت و ملأت السجون بالعاجزين عن سداد الديون في موعدها.
إنه الثمن الذي سيؤديه المغاربة مقابل أن يوشح صندوق النقد الدولي صدر الدولة بوسام "التلميذ الفايق المجتهد و النجيب" من درجة نفذ الأوامر أوحني الرأس، هذا التلميذ حين سألوه :
ماذا تعرف في العلم ؟
أجاب :
نعرف نزيد فيه !
أحمد السنوسي
التعليقات