فائقة مزرعاني( السفير ) - إنها الثامنة والنصف. أطفئت الأضواء فجأة . همدت تمتمات الحاضرين . أضيئت الشاشة . بدأ الوثائقي بمشهد لرجل يلب...
إنها الثامنة والنصف. أطفئت الأضواء فجأة . همدت تمتمات الحاضرين . أضيئت الشاشة . بدأ الوثائقي بمشهد لرجل يلبس عباءة بيضاء يقطع رأس شخص بالسيف مع تعليق لصوت امرأة ذات لكنة بريطانية يرافقه موسيقى تصويرية تحاكي فظاعة فعل الإعدام نفسه ، ويبدأ بعبارة " يوجد دولة تقطع رؤوس مواطنيها وتصلبهم" ... " تحرسها الشرطة الدينية" .. " هذه ليست الدولة " الإسلامية" ... "إنها المملكة العربية السعودية" .
الفيلم للمنتج والمخرج البريطاني جيمس جونز، وإنتاج صندوق فرونت لاين للصحافة الأميركية ومدته 50:15 دقيقة عرض في قاعة الجنان – طريق المطار بدعوة من مجموعة " التنسيقية" ( مجموعة من النشطاء المستقلين الداعمين للمقاومة ) وكان أول ظهور له على شاشة “ITV” بتاريخ 22 آذار 2016 وأثار ضجة كبيرة بعدد مشاهدات تجاوز 200 ألف مشاهدة منذ رفعه على موقع يوتيوب وفتح النقاش حول مصداقية العمل بين معجب بالعمل " الشيق الذي فضح عائلة آل سعود وممارسات النظام السعودي " وبين غاضب انهال بالشتائم على صناع الفيلم واصفاً إياه بالكذبة متهما مصوري الفيلم انتقاء أماكن التصوير بهدف تشويه صورة المملكة".
تبدأ رواية الفيلم بخبر موت الملك السعودي عبد الله وتنكيس العلم البريطاني حزناً على " الحليف" لتنتقل الى تصوير خفي لعملية جلد لأحد الشبان وإدانة الناشط السعودي رائف بدوي لإهانته الإسلام عبر تغريدة على موقع " تويتر" تسببت بالحكم عليه 10 سنوات وألف جلدة. يتبعه مداخلة للكولونيل ريتشارد كامب رئيس القوات البريطانية في أفغانستان والجنرال ديفيد بتراوس القائد السابق للقوات الاميركية في العراق يعبر كلاهما فيه عن وجهة نظر الحكومة البريطانية وتبريرها العلاقة مع النظام السعودي معتبرين أن العلاقة مع السعودية على رغم معارضته القيم البريطانية الا أنه " شر لا بد منه" وأنه " لديهم الكثير من النفط" ، " فليس هناك من حليف مثالي وهذا أمر واقع ويجب تقبله ". تتنقل مشاهد الفيلم الذي صور بكاميرات مخفية حملها أحد النشطاء السعوديين ويدعى ياسر ( مجهول باقي الهوية) وهو من سكان جدة والذي وصف الوضع في المملكة بأنه " مخيف جداً للسكان من كافة الأعمار حيث يمكن أن تعتقل بسبب كتاب" كما يقول. والذي أقر بالمجازفة التي هو على وشك القيام والتي قد تودي به إلى السجن في حال كشف أمر كاميرته السرية إلا أن قناعته " بأن العالم يجب أن يرى حقيقة ما يجري من ظلم وترهيب في السعودية " يدفعانه لخوض المغامرة. تنتقل كاميرا "ياسر" في شوارع المملكة المليئة بالقصور والأسواق التجارية الفخمة وهو الوجه الذي تظهره المملكة للخارج قبل أن يذهب في رحلة الى أحياء شعبية تفتقر الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم وتصوير نساء يقمن باستعطاء المارة والتسول .
ويوجه ياسر كاميرته لتصوير أعمال " هيئة الأمر بالمعروف" أو ما يعرف بالشرطة الدينية في المملكة وتصرفات أعضائها تجاه السكان والعنف الذي يمارسونه نتيجة السلطة المطلقة التي يمتلكونها من ضرب نساء في الشارع وملاحقة المارة والاعتداء عليهم دون حسيب أو رقيب ( تم تعديل صلاحيات الهيئة والحد منها في قرار صدر بتاريخ 14 نيسان 2016)، الأمر الذي تسبب بكسر كاميرته في إحدى المرات.
يوجه الوثائقي انتقادات للمذهب الوهابي الذي تعتمده المملكة في تلقين الأطفال الكراهية تجاه أصحاب الديانات الأخرى كالنصارى " الذين يجب قتلهم" و" الشيعة" ،على الرغم من أنهم شركاء في الوطن، لأنهم "كفار" بنظرهم . ويتم تلقين هذه الأفكار ونشرها عبر الكتب المدرسية وأثناء الخطب التي تلقى على المصلين في المساجد.
ويشير التقرير الى أن نسبة الإعدامات التي قامت بها المملكة في عهد الملك سلمان هي الأعلى منذ 20 عاماً. بينما وصفت الناشطة السعودية هالة الدوسري النظام السعودي "بالنظام الفاشي كون انتقاد النظام أو النظام الديني يعد جريمة إرهابية".
وتجول الكاميرا الخفية على سجن بريمان وتصور المعاناة التي يعيشها السجناء فيه من إدمان وتعذيب واكتظاظ. بينما تعتبر عدد من الساحات وأبرزها ساحة القصاص الساحة التي تجرى فيها الإعدامات العلنية والتي يتم تنفيذها بقطع رأس المتهم بالسيف أمام الملأ.
الفريق الإعلامي استطاع الدخول إلى المملكة عبر تأسيس شركة وهمية متعلقة بالأمن وقام بتصوير عدد من اللقاءات مع ضباط وعناصر امن كشفوا العلاقة بين المملكة وبريطانيا على صعيد اتفاقيات تدريب العناصر الأمنية وهو ما اعتبر إدانة للحكومة البريطانية .
ووثق الفيديو شهادة عدد من النساء الناشطات على الصعيد الحقوقي في السعودية وعلى رأسهم الناشطة لجين الهذلول التي تحدثت عن العنف والظلم اللاحقان بالمرأة السعودية على كافة الصعد.
وكان لقاء مع عائلة الشاب علي النمر (17 عاما) المحكوم بالإعدام لمشاركته في إحدى المظاهرات التي جرت في المنطقة الشرقية وعائلة الناشط رائف البدوي التي لجأت إلى كندا.
كما تطرق الوثائقي للعلاقة التي ربطت ما يعرف " بالهيئة العليا لدعم البوسنة والهرسك" وهي منظمة حكومية تبين لاحقاً علاقتها الوطيدة بالإرهاب وتمويلها وتخطيطها لعمليات إرهابية كان من المفترض أن تستهدف أوروبا بشكل مباشر إلا أنه لم يتم إثبات أي علاقة لأي فرد من العائلة الحاكمة بضلوعه بشكل مباشر بما كان يخطط له.
التعليقات