نطرح هذا السؤال على هامش تداعيات برنامج "فرانس 24" "وجها لوجه" حول تصريح "بان كي مون"، تحركت قضية الصحراء....
نطرح هذا السؤال على هامش تداعيات برنامج "فرانس 24" "وجها لوجه" حول تصريح "بان كي مون"، تحركت قضية الصحراء..
قضية الصحراء ليست قضية ديبلوماسية، أو معارك ديبلوماسية.. لا المغرب ولا البوليساريو، المتقوقعان في موقفهما، يمتلكان الإرادة السياسية لممارسة حوار ومفاوضات سياسية وفق المصالح الديمقراطية لشعوب المنطقة وتحررها و تقدمها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مفاوضات ديمقراطية ملتزمة بالعهود والاتفاقيات الدولية و حقوق الإنسان و قادرة على بلورة مشتركة لحل سياسي يتفق عليه الطرفين، مفاوضات بعيدة عن المصالح الشوفينية الفارغة التي لاتؤدي إلا إلى مزيد من تعقيد القضية و تدخل القوى الاستعمارية النيوليبرالية.
وأعتبر أن تجييش المواطنين والمواطنات ونقلهم في الحافلات والشاحنات للتظاهر والخطاب الشعبوي العدائي من مثل "المرتزقة" ومثل التركيز على أن الجزائر هي أصل المشكل وتصعيد الخطاب اللاعقلاني تجاهها و ديبلوماسية الصراخ... وكل ذلك لن يؤثر في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ولا أجد سببا للهجوم على المواطنة "نزهة بري" التي لا تعرف حتى "ألف باء قضية الصحراء"، و ما يمكن تسميته تجاوزا "خطابها" خلال برنامج "فرانس 24" يعبر في الحقيقة بشكل ما عن مستوى ديبلوماسية المسئولين المغاربة والتي تعتمد المحاباة والصداقات والبحث عن علاقات زبونية والهبات مع بعض الدول، كما تعاني من ضعف تكوين الكفاءات والمسئوليات السياسية والديبلوماسية المكلفة بالصحراء والتي ليس لها ألمام علمي بالتاريخ الحقيقي للصحراء وبالطرح المغربي وكذلك بطرح البوليساريو للحل السياسي تطور ملفاتها و واقع سكان الصحراء ومن جانب آخر يستمر احتكار المؤسسة المخزنية للقرارات الديبلوماسية فيما يخص الصحراء.
ولا ننسى أن الملك الراحل الحسن الثاني قبل بـ"مبدأ الاستفتاء". و لا ننسى أن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي عندما طرح الملك "مبذأ الاستفتاء يوم 26 يونيه 1981 رغم أنه في ندوة صحفية للصحافة العالمية وضح أن الاستفتاء سيكون "استفتاء تأكيديا"..و تكلفت الأمتحدة و مجلس الأمن بالإشراف على إجراء هذا الاستفتاء الذي سيتعثر بسبب عراقيل و إعاقات تحديد الهوية، بل و بسبب تناقضات بين المغرب و البوليساريو حل تحديد هوية الصحراويين، و بالتالي لم يتمكن الطرفان من التوافق حول صيغة حلها و تجاوزها. و توقفت إصر ذلك إجراءات تحديد هوية الصحراويين الذين لهم الحق القانوني في أن تدرج أسماؤهم في لوائح الاستفتاء.
ومع انتقال الحكم للملك محمد السادس، كلف مجلس الأمن جيمس بيكر الذي بعد مشاورات طويلة مع الأطراف للخروج من المأزق اقترح سنة 2003 مخططا يقضي ببلورة نظام استقلال ذاتي واسع في إطار الدولة المغربية التي لها صلاحيات تقتصر على الدفاع و القضايا الخارجية، ثم بعد ذلك إجراء استفتاء يطرح خيارين : الاستقالال أو السيادة المغربية.. وهو مخطط قبله المغرب لكن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب رفضته. وأعقاب ذلك أطلقت الجبهة 201 سجين مغربي. مع إخفاق التوافق على المخطط الأول، سيقترح جيمس بيكر مخططا آخر يطرح تشكـيل سلطة بالصحراء الغربية تحت إشراف الأمم المتحدة و بمساعدة الإدارة المغربية لمدة 5 سنوات و خلالها تعمل الأمم المتحدة، عبر بعثة المينورسو، لتهييئ الشروط لإجراء استفتاء يشارك فيه حتى المغاربة الغير أصليين في الصحراء و يتبلور بعده "استقلال ذاتي دائم". سيرفض المغرب هذا المخطط الثاني. و على إثر هذا الرفض سيستقيل جيمس بيكر.
بعد وصول البحث عن حل سياسي حدثت تطورات تمثلت في انتفاضات صحراويين في ماي 2005 في مدن الصحراء و خصوصا في مدينة لعيون، سيتم اعتقال و محاكمة 14 صحراويا في ديسمبر 2005. و احتمال أن هذه الأحداث دفعت الملك محمد السادس سنة 2006 لتأسيس "المجلس الملكي الاستشاري لشئون الصحراء" الذي طلب منه اقتراح طريقا ثالثا وهو "الحكم الذاتي" واقتراح استفتاء باختيارات لا يكون االاستقلال ضمنها. وقد اتضح أن هذا المجلس لم يستطع تنفيذ المهام الموكولة له و المتمثلة في تمثيلية الصحراويين و الصحراويات و مصالحهم في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية بالصحراء وصيانة الهوية الثقافية اللصحراء و بمساعدة الملك في القضايا المتعلقة بالدفاع عن الوحدة الترابية، كما أريد لأهدافه.
في حين استمرت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب متشبتة بمخطتها الداعي لاستفتاء أجل تقرير المصير بخيارت الاستقلال أو الاندماج في المغرب أو الاستقلال الذاتي.
إن حقيقة ملف قضية الصحراء لا زالت مغيبة وتتحكم فيها سلطوية الدولة المخزنية التبعية لارتباطها بشرعية النظام السياسي، كما تتحكم في قضية الصحراء رهانات و المصالح الجييو-سياسية والاقتصادية للغرب الرأسمالي الاستعماري الجديد المعولم. ويظهر أن هذا النزاع سيستمر لسنوات مقبلة سيما أن وضع أنظمة المنطقة المغاربية غير مستقر سياسيا واقتصاديا و ثقافيا بفعل مضاعفات التطرف الإسلاموي و مخلفات "ثورات" الشعوب المغاربية والرهانات والمصالح الاقتصادية والأمنية والسياسية لأروبا الغربية في البلدان المغاربية.
التعليقات