الزمان : المستقبل الغابر المكان : ضيعة أبو نهب الأول - من غرائب الأمور أن شخصا يرغب في الالتحاق بوظيفة، يجد نفسه مرغما على إحضار خن...
الزمان : المستقبل الغابر
المكان : ضيعة أبو نهب
الأول - من غرائب الأمور أن شخصا يرغب في الالتحاق بوظيفة، يجد نفسه مرغما على إحضار خنشة من الوثائق و على رأسها سجله العدلي و شهادة حسن السيرة و براءة الذمة و أن يكون الضوسي ديالو نقي ما فيه وسخ، فيما لا أحد يضع هذه الشروط على الذين يفرضون أنفسهم كمرشحين للحكم أو الذين يعاد انتخابهم، أو حتى الذين يحكمون بدون صناديق الاقتراع، بل و أيضا الدول التي تحكم العالم بطريقة أو بأخرى.
الثاني - صحيح، هناك من يحكم و سجله العدلي لا يكتفي بصفحة واحدة كباقي البشر، فجرائمه يمكن تدوينها في مجلدات كاملة قابلة للتحيين كل يوم. هؤلاء يتم استقبالهم في الدول الديمقراطية بالبساط الأحمر و جوقة الشرف. و ها أنت ترى يا صديقي كيف يمكن لمبادئ العدل و الحرية و حقوق الإنسان أن تتحالف و تتعانق مع الظلم و السيطرة و هدر الكرامة الإنسانية.
الأول - لعل المبادئ السامية بحالها بحال الرأسمال تصاب بالخوف و الجبن و تلتزم بواقعية قاتلة شعارها: مصالحنا أولا، صادراتنا من السلاح و القرطاس و البضائع تتمتع بالأسبقية، حاجتنا إلى النفط و الوقود لا يمكن أن نساومها بمبادئ نطبقها في الداخل، الدول الغربية عندهم الديمقراطية بيناتهم، و العالم الأول يقول لا يمكن أن نغامر بوجودنا إذا حاولنا تصدير هذه المبادئ إلى الخارج.
الثاني - المصيبة أن هناك بورصة للقيم المادية، و يتم تغييب أي بورصة للقيم الأخلاقية و الإنسانية.
الأول - كنت قد سمعت عن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، و اختصاصها محاكمة الأفراد و الحكام المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب و جرائم العدوان على الشعوب، و الغريب أن هذه المحكمة و موظفيها يعانون من بطالة مزمنة، ما عندهم ما يدار، موظفوها و قضاتها قاضيين الغرض يتقاضون أجورهم كل شهر، لكنهم قلما فتحوا ملفا جنائيا بالرغم من أن الفترة ما بين 2002 و 2016 (أي المجال الزمني لعملها لكونها لا تختص في متابعة الجرائم بأثر رجعي و التي ارتكبت قبل 2002 )، قد شهدت من الحروب الظالمة و الفظائع و المجازر ما يستدعي من تلك المحكمة أن تستنفر جهودها ليل نهار من أجل ملاحقة الدول المارقة الظالمة و كل العابثين بالكرامة الإنسانية.
الثاني - لقد ولدت تلك المحكمة ميتة، و وجهت لها تهم الإنتقائية في المتابعات، كاتدير اللي عجبها و كتبعد من شي حاجة ما غداش تعجب الدول الكبرى الاستعمارية و معها إسرائيل، إذ تلاحق بعض الدول الإفريقية دون غيرها لاعتبارها حلقة ضعيفة كما فعلت مع السودان، فيما لم تحرك هذه المحكمة ساكنا ضد إسرائيل التي تنام و تستيقظ على إيقاع جرائم الحرب و إبادة الفلسطينيين و التقتيل و النهب.
الأول - الخلاصة يا عزيزي أن من ينتزع بيضة أو رغيفا للبقاء على قيد الحياة بدون رزق يتم تلويث و توسيخ سجله العدلي ب " وسخ" غير زائل، لتسميم حياته كلها ( مازال الاستبداد قائما) .
و من يسرق شعبا و أرضا و يهدر دماء أمة، يظل سجله العدلي ناصع البياض و خال من أية شائبة.
الثاني - أنظر إلى الولايات المتحدة إنها بالأحرى ويلات متحدة ضد المستضعفين في الأرض و التي لا يتجاوز تاريخها ثلاثة قرون فقط، لكنها قضت ثلاثة أرباع تلك المدة في شن حروب إبادة ضارية شرسة ليس فقط ضد السكان الأصليين بل ضد كل شعوب العالم، و لم يتجرأ أحد على مطالبتها بإحضار سجلها العدلي !
التعليقات