تدهورت العلاقة بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة أكثر مما كان عليه الأمر بعد لقاء وزير الخارجية به ، كان اللقاء جافا وفظا خاصة ...
أدى كل هذا إلى خطوة مغربية جديدة هي " تقليص ملموس لجزء كبير من المكون المدني وخاصة الشق السياسي من بعثة المينورسو وإلغاء المساهمة الإرادية التي تقدمها المملكة لسير المينورسو " وحتى يفهم القاريء المقصود بقرار المغرب هو أن المينورسو تعني : " بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " تأسست في أبريل 1991 وأضيفت لها مهمة مراقبة وقف إطلاق النار ، وهي تضم ثلاث وحدات وحدة عسكرية ووحدة أمنية ووحدة مدنية هذه الأخيرة تتعلق بكل مجالات الإدارة والشؤون القانونية والتشريعية وقضايا اللاجئين والمعتقلين وقضايا تنظيم الاستفتاء ولها مكتب خاص بالمكتب المركزي الذي يضم الوحدات الثلاث بالعيون ومكاتب في 11 مركزا الأخرى الموزعة على كامل المنطقة بما فيه المخيمات في المنظقة المنزوعة السلاح وقرب تندوف. وهذه الوحدة هي التي أوصت باعتماد إحصاء السكان الذي كانت أعدته اسبانيا والذي كان ناقصا واعترض عليه المغرب .
كل المؤشرات تبين أن بان كي مون يحضر قنبلة في آخر ابريل سيرميها في وجه المغرب وسيكون جوهرها العودة إلى الاستفتاء الذي كان قد قبله المغرب لكن تبين فيما بعد أنه غير عملي عندما تم الاختلاف حول تعداد السكان . لقد كان قبول الاستفتاء من طرف الحسن الثاني خطأ سياسيا وكانت عدة دول كبرى مثل فرنسا أمريكا تحثه على قبوله ، وقد اعترض عبد الرحيم بوعبيد عبر بلاغ للمكتب السياسي قبول الاستفتاء ، الشيء الذي أدى إلى اعتقاله وعدد من أعضاء المكتب السياسي بظهير كل ما من شأنه والسبب المباشر ليس هو الموقف كما يعتقد الكثير وإنما وصف عبد الرحيم بوعبيد في البلاغ الذي كتبه بنفسه قرار الملك بالسذاجة الشيء الذي أغضبه جدا حيث جاء في البلاغ : من السذاجة الاعتقاد أن خصوم المغرب سيتوقفون عن مناوءته بمجرد قبول الاستفتاء.
وقد أثبتت الأحداث أن الخصوم لم يتوقفوا أبدا عن خططهم المرسومة وكان موقف عبد الرحيم بوعبيد صحيحا.
إن الموقف المعبر عنه من طرف الصحراويين الوحدويين بعد مسيرة العيون هو بداية العودة إلى الطريق الصحيح في معالجة الاختلالات التي عرفتها قضية الصحراء لكن لا بد من أن تعيد هذه الساكنة تنظيم نفسها في إطار موحد وليس كما هو عليه الأمر الآن الشيوخ المنتخبون المجتمع المدني بل إطارا سياسيا استراتيجيا مؤهلا لأن يلعب أدوارا كبيرة سياسية وديبلوماسية وعسكرية ومدنية في مواجهة خطط خصمين:
1- خطط الانفصاليين.
2- خطط جنرالات الجيش الجزائري .
إن نجاح الوحدويين لن يكون كبيرا إلا إذا تنظموا بعيدا عن الحكومة والسلطات لأن الدولة في ميادين التأثير الديبلوماسي والسياسي والعسكري مغلولة الأيدي على الساحة الدولية ولكن خلق إطار مستقل عنها برغبة السكان الوحدويين يجعلها قادرة على التحرك في هامش سياسي كبير ويتيح لها مجالات كبيرة للمناورة .
في مثل هذه الحالة لن يكون للجيش المغربي وكل قواته المسلحة إلا مهمة الدفاع عن الوطن وحماية المجال الجوي للمنطقة وهذا الإطار ومعه كل القوى السياسية والنقابية والشبابية سيكون حاميا لظهر القوات المسلحة لأنه لا يمكن لأي جيش مهما كانت قوته أن ينتصر في حرب ما بدون حماية ظهره في الداخل ، وفي نفس الوقت للإطار حرية أكبر في مواجهة خطط الانفصال بل حتى مناوءة ديكتاتورية العسكر والدفاع عن الشعب الجزائري في تقرير مصيره ومتأكد أن حزما بهذا المنظور سيدفع الشعب الجزائري إذا ما تحرر من الديكتاتورية العسكرية لأن يعيد للمغرب صحراءه الشرقية التي ضمها الجيش الفرنسي إلى الأراضي الجزائرية .
إن تسخين الأجواء بدون تحضير محكم سياسيا وديبلوماسيا وعسكريا ( القوة العسكرية الشعبية ) لما هو أسوأ مع الجزائر ومع أدواتها منذ أن قضى الجنرالات على التيار الوحدوي في البوليزاريو بقيادة مصطفى الوالي لن يؤدي إلا المزيد من تدهور مكانة المغرب على المستوى الدولي وسيدفع الكثير من الإمعات في إفريقيا من الطمع فينا وفي حقوقنا .
إن بان كي مون ليس إلا شجرة تخفي غابة كثيفة من الأفخاخ ضد المغرب وشعبه فلا تستهينوا بالخطوات التي اتخذت ولا بالآتية ، بان كي مون ذاهب في آخر السنة ولكن الخطط التآمرية ضد وحدة المغرب الترابية باقية ما لم تتغير كثير من الأشياء ومنها الكف وبسرعة عن استعمال العصا ضد كل من يطالب بحق ما من الحقوق من فئات الشعب المغربي .
التعليقات