زهير أندراوس(راي اليوم) - على الرغم من المشاكل الداخليّة التي تُواجهها رئيسة البرازيل، ديلما روسيف، فإنّ هذه المرأة الحديديّة، سجلّ...
زهير أندراوس(راي اليوم) -
على الرغم من المشاكل الداخليّة التي تُواجهها رئيسة البرازيل، ديلما روسيف، فإنّ هذه المرأة الحديديّة، سجلّت انتصارًا على العنجهيّة الإسرائيليّة: روسيف رفضت قبول تعيين داني دايّان سفيرًا لإسرائيل في بلادها، معللة بذلك بأنّ دايّان هو من أشّد غلاة المستوطنين، والمُوافقة على تعيينه، يعني نظريًا وعمليًا موافقة البرازيل على المشروع الاستيطانيّ الإسرائيليّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة. وبالمُقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيليّة أنّها ستستخدم كلّ الوسائل المتاحة لديها لدفع البرازيل إلى الموافقة على اعتماد رئيسٍ سابقٍ لمجلس المستوطنين في الضفة الغربيّة المحتلّة سفيراً للدولة العبريّة في برازيليا.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو عيّن في مطلع آب (أغسطس) الماضي دايان سفيرًا في برازيليا، لكنّ الحكومة البرازيليّة لم تُوافق على هذا التعيين. وحذّرت إسرائيل البرازيل من أنّها ستُخفض تمثيلها الدبلوماسي في حال لم توافق على اعتماد ديّان سفيرًا لإسرائيل في برازيليا. وعينت الحكومة الإسرائيلية داني دايان، وهو زعيم سابق لحركة الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلّة، سفيراً لدى البرازيل قبل 7 شهور، إلّا أنّ الأخيرة لم تُوافق على هذا التعيين. وصرّحت نائبة وزير الخارجية الإسرائيليّ تسيبي حوطوفلي بأنّ إسرائيل ستقوم بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسيّ مع البرازيل ما لم توافق برازيليا على تعيين ديّان.
وأضافت لن نطرح اسم سفير آخر عوضًا عن دايان. ولم تُعلّق البرازيل على تصريحات حوطوفلي. ويُعرّف القانون الدوليّ ومؤسسات الأمم المتحدة المستوطنات اليهوديّة على أنها غير قانونية، وهو أيضًا الموقف المعروف لدولة البرازيل. ورأى خبراء في القانون الدوليّ أنّ القبول بتعيين ديّان سيدُلّ على تساهل الشرعية الدوليّة مع ممارساته، ويُعطي صبغةً شرعيّةً على الصعيد الدوليّ لمشروع الاستيطان ولما يحمله من ويلات على الشعب الفلسطيني.
وأشار النائب العربيّ في الكنيست الإسرائيليّ، د. يوسف جبّارين إلى مقالات نشرها ديّان بالإنجليزية دعا فيها إلى توسيع الاستيطان وإلى عدم الجدوى من المطالبة بحل الدولتين. يُذكر أنّ مجموعة من أحزاب المعارضة كالمعسكر الصهيوني و(يش عتيد) دعموا تعيين ديّان سفيرًا في البرازيل ودعوا رئيسة البرازيل إلى قبول هذا التعيين نظرًا للدور الهام الذي يقوم به ديّان على المستويين المحليّ والدوليّ، على حد تعبيريهما. ولم تكتفِ تل أبيب بذلك، بل جندّت الولايات المُتحدّة الأمريكيّة للضغط على روسيف لقبول التعيين، إلّا أنّ الرئيسة البرازيليّة لم ترضخ، وأصّرت على موقفها الرافض لتعيين الأب الروحيّ للمُستوطنين سفيرًا لإسرائيل في بلادها.
نتنياهو، الذي أرغى وأزبد، هدّدّ وتوعدّ، توصّل إلى نتيجة بأنّ الرفض البرازيليّ هو نهائيّ، ولن تُجدي الضغوطات والتهديدات، وقبل عدّة أيّام أعلن عن تعيين ديّان، قُنصلاً عامًّا لتل أبيب في نيويورك. بكلمات أخرى، يُمكن القول والجزم والفصل إنّ الرئيسة روسيف، أذلّت وأهانت نتنياهو على رؤوس الأشهاد، ولقّنته درسًا في احترام الشعوب التي تحترم نفسها، الأمر الذي دفعه إلى التنازل عن هذا التعيين، بصفته رئيسًا للوزراء في الدولة العبريّة، وأيضًا لأنّه يتبوأ منصب وزير الخارجيّة في الحكومة الحاليّة. على صلةٍ بما سلف، أعدّت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيليّ سلسلة تقارير عن مُقاطعة إسرائيل في الجامعات الأمريكيّة، وبحسبها، فإنّ نظرة الأمريكيين وأيضًا اليهود لإسرائيل تغيرّت كثيرًا وباتت نقيض النقيض.
وعرض التلفزيون تقريرًا جاء فيه أنّه تقريبًا في كلّ جامعةٍ أمريكيّة توجد خليّة كبيرة من المؤيّدين للقضية الفلسطينيّة، الذين يتربصون للمثلين الإسرائيليين، الذي يحضروا إلى الجامعات لشرح وجهة النظر الإسرائيليّة، وتابع: الطلاب المُناهضين لإسرائيل، يقومون بتنظيم المُظاهرات، ومنع المندوب الإسرائيليّ من إلقاء كلمته، ومن ثمّ يقومون بـ”تفجير” المؤتمر أوْ المُحاضرة. ولفت مُعّد التقارير إلى أنّ ظهور المندوبين الإسرائيليين في الجامعات الأمريكيّة بات نكتةً: كان آخرها منع رئيس بلدية القدس المُحتلّة من إلقاء كلمته في إحدى الجامعات الأمريكيّة، فما كان منه، إلّا أنْ أصدر بيانًا عممه على وسائل الإعلام الإسرائيليّة ليكسب خبرًا أوْ عنوانًا في الإعلام العبريّ، كما أكّد على أنّ بعثةً من أعضاء الكنيست الإسرائيليّ، التي وصلت للولايات المُتحدّة لطرح وجهة النظر الإسرائيليّة عادت إلى البلاد بخفي حنين: فقد منعها الطلاب المؤيّدين للفلسطينيين من إلقاء الكلمات، ونظّموا مظاهرةً كبيرةً قبيل المؤتمر، وعند افتتاحه دخلوا إلى القاعة وباشروا بإطلاق الهتافات المُعادية لإسرائيل، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر: الدولة العبريّة تقتل الأطفال الفلسطينيين، وتُكرّس نظام الفصل العنصريّ ضدّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ من طرفي ما يُسّمى بالخّط الأخضر. يُشار إلى أنّ تل أبيب باتت تعتبر المقاطعة، التي تهدف إلى عزلها دوليًا، تهديدًا إستراتيجيًا على أمنها القوميّ، ولكنّ الحملات، التي كلّفت ملاين الدولارات لتحسين صورتها بالعالم باءت بالفشل، باعتراف من أركانها.
التعليقات